الفصل الأول في بيان أن أسماء الله تعالى من حيث التوقيف غير مقصورة على تسعة وتسعين بل ورد التوقيف بأسام سواها إذ في رواية أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه إبدال لبعض هذه الأسامي بما يقرب منها وإبدال بما لا يقرب فأما الذي يقرب فالأحد بدل الواحد والقاهر بدل القهار والشاكر بدل الشكور والذي لا يقرب كالهادي والكافي والدائم والبصير والنور والمبين والجميل والصادق والمحيط والقريب والقديم والوتر والفاطر والعلام والملك والأكرم والمدبر والرفيع وذي الطول وذي المعارج وذي الفضل والخلاق وقد ورد أيضا في القرآن ما ليس متفقا عليه في الروايتين جميعا كالمولى والنصير والغالب والقريب والرب والناصر ومن المضافات كقوله تعالى شديد العقاب و قابل التوب وغافر الذنب و مولج الليل في النهار ومولج النهار في الليل و مخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي وقد ورد في الخبر أيضا السيد إذ قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا سيد فقال السيد هو الله عز وجل وكأنه قصد المنع من المدح في الوجه وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم ولا فخر والديان أيضا قد ورد وكذا الحنان والمنان وغير ذلك مما لو تتبع في الأحاديث لوجد ولو جوز اشتقاق الأسامي من الأفعال فستكثر هذه الأسامي المشتقة لكثرة الأفعال المنسوبة إلى الله تعالى في القرآن كقوله تعالى يكشف السوء 27 سورة النمل الآية 62 ويقذف بالحق 34 سورة سبأ الآية 38 ويفصل بينهم 22 سورة الحج الآية 17 و 32 سورة السجدة الآية 25 وقضينا إلى بني إسرائيل 17 سورة الإسراء الآية 4 فيشتق له من ذلك الكاشف والقاذف بالحق والفاصل والقاضي ويخرج ذلك عن الحصر وفيه نظر سيأتي والغرض أن نبين أن الأسامي ليست هي التسعة والتسعين التي عددناها وشرحناها ولكنا جرينا على العادة في شرح تلك الأسامي فإنها هي الرواية المشهورة وليست هذه التعديدات والتفصيلات المروية عن أبي هريرة في الصحيحين إنما الذي تشتمل عليه الصحاح قوله صلى الله عليه وسلم إن لله سبحانه وتعالى تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة أما بيان ذلك وتفصيله فلا ومما وقع عليه الاتفاق بين الفقهاء والعلماء من الأسامي المريد والمتكلم والموجود والشيء والذات والأزلي والأبدي وإن ذلك مما يجوز إطلاقه في حق الله سبحانه وتعالى وورد في الحديث لا تقولوا جاء رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى لكن قولوا جاء شهر رمضان وكذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ما أصاب أحدا هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله عز وجل همه وحزنه وأبدل مكانه فرحا وقوله استأثرت به في علم الغيب عندك يدل على أن الأسماء غير محصورة فيما وردت به الروايات المشهورة وعند هذا ربما يخطر ببالك طلب الفائدة في الحصر في تسعة وتسعين ولا بد من ذكرها الفصل الثاني في بيان فائدة الإحصاء والتخصيص بتسعة وتسعين