الفاظ حديث « فاطمة بضعة مني »
وموارد نقله عن النبي(ص)
(2)
* الشيخ محمد جعفر الطبسي
سبق منا في العدد السابق البحث عن
مصادر حديث «فاطمة بضعة مني»، ولا شك بأنه
حديث صحيح كما شهد بذلك أئمة أهل الحديث، منهم
البغوي المتوفى سنة (516) في مصابيح السنة (4 / 185)
وغيره.
وفي هذه الحلقة نشير إلى الالفاظ
المختلفة التي نقل بها الحديث الشريف، وكذا
نذكر الموارد والمناسبات التي نقل الحديث
بشأنها.
1 ـ فاطمة بضعة([1])
مني فمن أغضبها أغضبني([2])([3]).
2 ـ إنما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما
آذاها([4]).
3 ـ إنها بضعة مني يريبني ما رابها
ويؤذيني ما آذاها([5]).
4 ـ إنها بضعة مني يغضبني ما يغضبها([6]).
5 ـ فاطمة شجنة([7])
مني يبسطني ما يبسطها ويقبضني ما يقبضها([8]).
6 ـ إنما فاطمة ابنتي بضعة مني يؤذيني
ما آذاها وينصبني ما أنصبها([9]).
7 ـ إنما فاطمة ابنتي بضعة مني يريبني
ما رابها ويؤذيني ما آذاها([10]).
8 ـ فاطمة مضغة([11])
منّي([12]).
9 ـ إنها فاطمة بضعة منّي([13]).
10 ـ إن فاطمة منّي([14]).
11 ـ فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها
ويبسطني ما يبسطها([15]).
12 ـ فإنما ابنتي بضعة مني([16]).
13 ـ إن فاطمة جزء منّي([17]).
14 ـ إنما فاطمة بضعة منّي ما آذاها
آذاني وما رابها رابني([18]).
15 ـ إنّما فاطمة بضعة منّي يسرني ما
يسرها([19]).
16 ـ إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما
آذاها ويغضبني ما أغضبها([20]).
17 ـ إنما فاطمة بضعة مني يريبني ما
رابها([21]).
18 ـ فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني([22]).
19 ـ فهي فاطمة بنت محمد(صلى الله عليه
وآله وسلم)، وهي بضعة مني وهي قلبي وروحي التي
بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد
آذى الله([23]).
20 ـ فإن فاطمة بضعة مني يؤلمني ما
يؤلمها ويسرني ما يسرها([24]).
21 ـ إنما فاطمة حِذية منّي يقبضني ما
يقبضها([25]).
موارد نقل الحديث:
الحديث منقول عن النبي(صلى الله عليه
وآله وسلم) في مواطن مختلفة ومناسبات عديدة،
نشير إليها كما ورد في النصوص والروايات:
1 ـ حينما سئل الامام أمير المؤمنين(عليه
السلام) عن خير شيء للمرأة; فقد روى البزار([26])
عن علي(عليه السلام) أنه كان عند رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم)، فقال: «أي شيء خير
للمرأة؟ فسكتوا، فلما رجعتُ قلت لفاطمة: أيّ
شيء خير للنساء؟ قالت: لا يراهن الرجال، فذكرت
ذلك للنبي فقال: إن فاطمة بضعة مني»([27]).
2 ـ عندما ربط أبو لبابة نفسه في توبة
وأرادت الزهراء(عليها السلام) حلّه حينما
نزلت توبته، فقال: «قد أقسمت ألاّ يحلني إلاّ
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال
رسول الله: إن فاطمة مضغة مني»([28]).
3 ـ حينما أراد الرسول الاعظم(صلى الله
عليه وآله وسلم) أن يعرفها، روى ابن الصباغ
المالكي عن مجاهد قال: «خرج النبي(صلى الله
عليه وآله وسلم) وهو آخذ بيد فاطمة فقال: من
عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي فاطمة
بنت محمد، وهي بضعة مني، وهي قلبي وروحي التي
بين جنبي»([29]).
4 ـ ليلة زواجها: روى الموفق بن أحمد بن
محمد المكي الخوارزمي في المناقب أن النبي(صلى
الله عليه وآله وسلم) خاطب الزهراء(عليها
السلام) ليلة زفافها قائلاً لها: «يا بنية،
نعم الزوج زوجك، ولا تعصين له أمراً، ثم توجه
إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال: يا علي،
فقلت: لبيك يا رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم). قال: ادخل بيتك والطف بزوجتك وارفق بها
فإن فاطمة بضعة منّي، يؤلمني ما يؤلمها
ويسرني ما يسرها»([30]).
5 ـ عند خطبة علي(عليه السلام) ابنة أبي
جهل إلى عمها الحارث بن هشام، روى الحاكم في
المستدرك على الصحيحين بسنده عن سويد بن غفلة
قال: «خطب علي ابنة أبي جهل الى عمها الحارث بن
هشام، فاستشار النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
فقال: أعن حسبها تسألني؟ قال علي: قد أعلم ما
حسبها، ولكن اتأمرني بها؟ فقال: لا، فاطمة
مضغة مني ولا أحسب إلا وأنها تحزن أو تجزع،
فقال علي: لا آتي شيئاً تكرهه»([31]).
وروى مسلم عن المسور بن مخرمة([32])
أن علي بن أبي طالب(عليه السلام) خطب بنت أبي
جهل على فاطمة، فسمعت رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم) وهو يخطب الناس في ذلك على منبره
هذا، وأنا يومئذ محتلم، فقال: إن فاطمة منّي
وإني أتخوف أن تفتن في دينها»([33]).
وقفة قصيرة حول الحديث:
الحديث ـ كما ترى ـ متفق على اخراجه في
الكتب، وهناك أدلة متقنة([34]) تدلّ على أن
القضية مفتعلة من أساسها، نشير إلى بعضها:
أولاً: الاختلاف الموجود في متن
الروايات كما يظهر عند المراجعة.
ثانياً: إن ما جاء في هذه الروايات لا
يلائم قول أمير المؤمنين(عليه السلام): «فوالله
ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها
الله عزوجل، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً»([35]).
ثالثاً: روى الشيخ الصدوق المتوفى سنة
(381 هـ) بسنده عن عمرو بن أبي المقدام وزياد بن
عبدالله قالا: «أتى رجل أبا عبدالله(عليه
السلام) فقال له: يرحمك الله هل تشيع الجنازة
بنار ويمشى معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك
مما يضاءبه؟ قال: فتغير لون أبي عبدالله(عليه
السلام) من ذلك واستوى جالساً، ثم قال: إنه جاء
شقي من الاشقياء إلى فاطمة بنت رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم) فقال لها: أما علمت أن
علياً خطب بنت أبي جهل؟ فقالت: حقاً ما تقول؟
فقال: حقاً ما أقول، ثلاث مرات... ثم يتحدث
الامام عن اطلاع النبي(صلى الله عليه وآله
وسلم) على الامر الى ان يقول: فقال رسول الله:
يا علي، أما علمت أن فاطمة بضعة مني وأنا
منها؟ فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى
الله، ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في
حياتي، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد
موتي. قال علي: بلى يا رسول الله. قال: فما دعاك
الى ما صنعت؟ فقال علي: والذي بعثك بالحق
نبيّاً ما كان مني مما بلغها شيء، ولا حدثت
بها نفسي، فقال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم):
صدقت وصدقت»([36]).
وروى أيضاً في الامالي بسنده عن صالح
بن علقمة قال: «فقلت للصادق(عليه السلام): يابن
رسول الله، إن الناس ينسبوننا إلى عظائم
الامور، وقد ضاقت بذلك صدورنا، فقال(عليه
السلام): يا علقمة، إن رضا الناس لا يملك،
وألسنتهم لا تضبط. وكيف تسلمون مما لم يسلم
منه أنبياء الله ورسله؟ ... ألم ينسبوا سيد
الاوصياء أنه كان يطلب الدنيا والملك؟... ألم
ينسبوه الى أنه(عليه السلام) أراد أن يتزوج
ابنة أبي جهل على فاطمة(عليها السلام)، وأن
رسول الله شكاه على المنبر الى المسلمين فقال:
إن علياً يريد أن يتزوج ابنة عدو الله على
ابنة نبي الله؟... ثم قال الصادق(عليه السلام):
يا علقمة، ما أعجب أقاويل الناس في علي(عليه
السلام)»([37]).
فنرى في هاتين الروايتين عن لسان
المعصوم عن الخطأ إنكار قضيّة الخطبة
والزواج، وقول الامام جعفر الصادق(عليه
السلام) إن تلك من أقاويل الناس في حق سيد
الوصيين علي بن أبي طالب(عليه السلام).
رابعاً: في محاورة بين عمر وابن عباس،
كان مما قاله ابن عباس له: «يا أمير المؤمنين،
إن صاحبنا من قد علمت، والله إنه ما غيّر ولا
بدّل، ولا أسخط رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم) أيام صحبته له، فقال: ولا في ابنة أبي
جهل وهو يريد أن يخطبها على فاطمة رضي الله
عنها؟ .. قلت: قال الله في معصية آدم(عليه
السلام): (ولم نجد له عزماً)([38])،
فصاحبنا لم يعزم على إسخاط رسول الله(صلى الله
عليه وآله وسلم)، ولكن الخواطر التي لا يقدر
أحد على دفعها عن نفسه. وربما كانت من الفقيه
في دين الله، العالم بأمر الله، فإذا نبه
عليها رجع وأناب.. فقال: يابن عباس، من ظن أنه
يرد بحوركم فيغوص فيها معكم حتى بلغ قعرها،
فقد ظن عجزاً»([39]).
فابن عباس يصارح الخليفة بأن علياً لم
يغضب الرسول، ولا أراد ذلك، ولا عزم عليه،
وأنكر قضية بنت أبي جهل، واعتبرها من الخواطر
التي ربما تمر، ولا يقدر أحد على دفعها، وصدقه
بذلك عمر([40]).
خامساً: قال السيد المرتضى المتوفى
سنة 436 في ردّ هذه القضية: «فأين كان أعداؤه من
بني اميّة وشيعتهم عن هذه الفرصة المنتهزة؟
وكيف لم يجعلوها عنواناً لما يتخرصونه من
العيوب والقروف؟ وكيف تمحلوا الكذب، وعدلوا
عن الحق؟ وفي علمنا بأن أحداً من الاعداء
متقدماً لم يذكر ذلك، ودليل على أنه باطل
موضوع»([41]).
سادساً: كيف يعبر النبي(صلى الله عليه
وآله وسلم) عن بنت أبي جهل بــ (بنت عدو الله)
على المنبر، وهو الذي منع الناس من أن يقولوا
لعكرمة أخيها: ابن عدو الله؟ وقال كلمته
الخالدة: «يأتيكم عكرمة مهاجراً، فلا تسبوا
أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي»([42]).
سابعاً: إن المسور بن مخرمة (الراوي
للحديث) قد ولد في السنة الثانية للهجرة، فكيف
يقول إنه سمع النبي يخطب على المنبر؟ وكيف
يمكن أن يكون في وقت سماعه للحديث محتلماً كما
جاء في الحديث؟
وقد وجّه ذلك ابن حجر بأن المراد
بالاحتلام كمال العقل([43])
ويخالف هذا التوجيه كلاً من اللغة والعرف،
فلا يقال لطفل عمره ست سنين إنه محتلم مهما
كان له من الدراية، ومن العقل والفطنة([44]).
هذا ما عثرنا عليه خلال البحث عن ألفاظ
الحديث وموارد نقله وقد يظفر باحث بأكثر من
ذلك.
([1])
هناك اتفاق بين أرباب أهل اللغة أن البضَعة ـ
بالفتح ـ بمعنى القطعة، وقد تكسر، وقد صرح
بعضهم بأن البضعة القطعة من اللحم. قال ابن
دريد (ت / 321): «البضعة: القطعة من اللحم، وفلان
بضعة من فلان اذا أشبهه» ]جمهرة اللغة 1 / 352[.
وقال ابن فارس (ت / 395) ناقلاً عن الاصمعي إن
البضعة قطعة من اللحم مجتمعة ]معجم مقاييس
اللغة 1 / 255[. وقال الراغب (ت / 502): «وفلان بضعة
مني جار مجرى بعض جسدي لقربه منّي» ]المفردات
في غريب الحديث 50[.
([2]) قال السهيلي: «فهذا حديث يدل على
أن من سبها فقد كفر، ومن صلى عليها فقد صلى
على أبيها» ]الروض الانف 2 / 196[. وقال
القسطلاني: «وحينئذ فمن آذى فاطمة فقد آذى
النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وأذاه حرام
اتفاقاً» ]إرشاد الساري بشرح صحيح البخاري 1 /
596[.
([3]) صحيح البخاري 4 / 210.
([4])
صحيح مسلم ج4 / 1902 / ب15 ح95 / 94 / 93.
([5])
سنن الترمذي 5 / 655 ح 3867.
([6])
الشفاء: 2 / 308.
([7])
الشجنة: الشعبة من الشي ]لسان العرب 7 / 39[.
([8]) مسند الامام أحمد 4 / 332.
([9])
سنن الترمذي 5 / 698 ح3869.
([10])
حلية الاولياء لابي نعيم 2 / 40.
([11])
المضغة: القطعة من اللحم ]نهاية ابن الاثير 4 /
339[.
([12])
مسند أحمد 4 / 323.
([13])
مسند أحمد 4 / 5.
([14])
الجامع في العلل ومعرفة الرجال لاحمد بن
حنبل 2 / 222.
([15])
المستدرك على الصحيحين 3 / 158.
([16])
مسند أحمد 4 / 328.
([17])
الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم للصاغاني
121 ح351.
([18])
نظم درر السمطين للزرندي: 176.
([19])
الصواعق المحرقة لابن حجر 230.
([20])
معجم الصحابة للبغوي 141 على ما في إحقاق الحق
10 / 205.
([21])
أنساب الاشراف للبلاذري 1 / 403.
([22])
السنن الكبرى للبيهقي 10 / 201.
([23])
الفصول المهمة لابن صباغ المالكي 146.
([24])
المناقب للخوارزمي 353.
([25])
النهاية في غريب الحديث والاثر لابن الاثير 1
/ 357.
([26])
أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار
المتوفى سنة 292.
([27])
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد لمحمد
بن يوسف الصالحي الشامي 11 / 45.
([28])
الروض الانف للسهيلي 2 / 196.
([29])
الفصول المهمة في معرفة الائمة 146.
([30])
المناقب للخوارزمي 353.
([31])
الحاكم: 3 / 158.
([32])
مسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن
زهرة بن كلاب القرشي، أبو عبد الرحمان
الزهري له ولابيه صحبة. توفي رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم) وله من العمر ثماني
سنين، راجع تهذيب الكمال للمزي 27 / 581، ومختصر
تاريخ دمشق 24 / 306.
([33])
صحيح مسلم 4 / 1903، كتاب فضائل الصحابة، ح95.
([34])
راجع في أسطورة الحديث مجلة تراثنا، العدد 23،
والصحيح من سيرة النبي الاعظم(صلى الله عليه
وآله وسلم)4 / 56.
([35])
راجع كشف الغمة للاربلي 1 / 363.
([36])
علل الشرائع: 185، ب 149 ح2.
([37])
أمالي الصدوق: 91، المجلس 22، ح3.
([38])
طه / 115.
([39])
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12 / 51 «وقد
يلاحظ أن ابن عباس أيضاً تأثر بدوره بنفس
الاكذوبة، فترى أنه يتحدث عن الخواطر التي
لا يقدر أحد على دفعها; وهذا يناقض ما نقلناه
آنفاً عن الامام الصادق: والذي بعثك بالحق
نبياً ما كان منّي مما بلغها شيء ولا حدثت
بها نفسي» (التحرير).
([40])
انظر الصحيح من سيرة النبي الاعظم(صلى الله
عليه وآله وسلم) 4 / 56.
([41])
تنزيه الانبياء / 169.
([42])
انظر الصحيح من سيرة النبي الاعظم(صلى الله
عليه وآله وسلم).
([43])
فتح الباري 9 / 286.
([44])
راجع الصحيح من سيرة النبي الاعظم(صلى الله
عليه وآله وسلم) 4 / 60.
توضیحاتافزودن یادداشت جدید
صفحه مورد نظر پیدا نشد!