الحج المندوب
مسألة 130:يستحبّ لمن يمكنه الحج أن يحجّ، وإن لم يكن
مستطيعاً، أو أنّه أتى بحجّة الإسلام، ويستحبّ
تكراره في كلّ سنة لمن يتمكّن من ذلك.مسألة 131:
يستحبّ نية العود للحجّ حين الخروج من مكّة.مسألة 132:
يستحبّ إحجاج من لا استطاعة له، كما يستحبّ
الاستقراض للحجّ إذا كان واثقاً بالوفاء بعد ذلك،
ويستحبّ كثرة الإنفاق في الحجّ.مسألة 133:
يستحبّ إعطاء الزكاة من سهم سبيل اللّه إذا كان فيه
مصلحة عامّة لمن لا يستطيع الحجّ ليحجّ بها.مسألة 134:
يشترط في حجّ المرأة إذن الزوج إذا كان الحجّ
مندوباً، وكذلك المعتدّة بالعدّة الرجعيّة، ولا
يعتبر ذلك في البائنة وفي عدّة الوفاة.
أقسام العمرة
مسألة 135:العمرة كالحجّ، فقد تكون واجبة، وقد تكون مندوبة، وقد تكون
مفردة، وقد تكون متمتعاً بها.مسألة 136:
تجب العمرة كالحجّ على كلّ مستطيع واجد للشرائط،
ووجوبها كوجوب الحجّ فوري، فمن استطاع لها ولو لم
يستطع للحجّ وجبت عليه، نعم الظاهر عدم وجوبها على
من كانت وظيفته حجّ التمتّع ولم يكن مستطيعاً
ولكنّه استطاع لها، وعليه فلا تجب على الأجير للحجّ
بعد فراغه من عمل النيابة وإن كان مستطيعاً من
الإتيان بالعمرة المفردة، لكنّ الإتيان بها أحوط،
وأمّا من أتى بحجّ التمتّع فلا يجب عليه الإتيان
بالعمرة المفردة جزماً.مسألة 137:
يستحبّ الإتيان بالعمرة المفردة مكرّراً، والأولى
الإتيان بها في كلّ شهر، والأظهر جواز الإتيان
بعمرة في شهر وإن كان في آخره وبعمرة أخرى في شهر
آخر وإن كان في أوّله، ولا يجوز الإتيان بعمرتين في
شهر واحد فيما إذا كانت العمرتان عن نفس المعتمر أو
عن شخص آخر، وإن كان لابأس بالإتيان بالثانية
رجاءً.ولا يعتبر هذا فيما إذا كانت إحدى
العمرتين عن نفسه والأخرى عن غيره، أو كانت كلتاهما
عن شخصين غيره، ويعتبر هذا بين العمرة المفردة
وعمرة التمتّع على الأحوط، ولا يصحّ الإتيان
بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع والحجّ.مسألة 138:
كما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة كذلك تجب
بالنذر أو الحلف أو العهد أو غير ذلك.مسألة 139:
تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في أعمالها،
وسيأتي بيان ذلك، وتفترق عنها في أمور:1 ـ أنّ العمرة المفردة يجب لها طواف
النساء، وليس لعمرة التمتّع طواف النساء.2 ـ إنّ عمرة التمتّع لا تقع إلا في
أشهر الحجّ، وهي شوّال و ذوالقعدة و ذوالحجّة، وتصحّ العمرة
المفردة في جميع الشهور، وأفضلها شهر رجب وبعده شهر
رمضان.3 ـ ينحصر الخروج عن الإحرام في عمرة
التمتّع بالتقصير فقط، ولكنّ الخروج عن الإحرام في
العمرة المفردة قد يكون بالتقصير وقد يكون بالحلق.4 ـ يجب أن تقع عمرة التمتّع والحجّ
في سنة واحدة على ما يأتي، وليس كذلك في العمرة
المفردة، فمن وجب عليه حجّ الإفراد والعمرة
المفردة جاز له أن يأتي بالحجّ في سنة والعمرة في
سنة أخرى.5 ـ إنّ من جامع في العمرة المفردة
عالماً عامداً قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا إشكال، ووجبت عليه
الإعادة بعد إتمامها، بأن يبقى في مكّة إلى الشهر
القادم فيعيدها فيه، وأمّا من جامع في عمرة التمتّع
ففي فساد عمرته إشكال، والأظهر عدم الفساد كما
يأتي.مسألة 140:
يجب الإحرام للعمرة المفردة من نفس المواقيت التي
يحرم منها لعمرة التمتّع، ويأتي بيانها، وإذا كان
المكلّف في مكّة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة
جاز له أن يخرج من الحرم ويحرم، ولا يجب عليه الرجوع
إلى المواقيت والإحرام منها، والأولى أن يكون
إحرامه من الحديبية أو الجعرانة أو التنعيم.مسألة 141:
تجب العمرة المفردة لمن أراد أن يدخل مكّة، فإنّه
لا يجوز الدخول فيها إلا محرماً، ويستثنى من ذلك من
يتكرّر منه الدخول والخروج كالحطّاب والحشّاش
ونحوهما.وكذلك من خرج من مكّة بعد إتمامه
أعمال الحجّ أو بعد العمرة المفردة، فإنّه يجوز له
العود إليها من دون إحرام قبل مضي الشهر الذي أحرم
فيه، ويأتي حكم الخارج من مكّة بعد عمرة التمتّع
وقبل الحجّ.مسألة 142:
من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج وبقى في مكّة إلى
أوان الحجّ جاز له أن يجعلها عمرة التمتّع ويأتي
بالحجّ، ولا فرق في ذلك بين الحجّ الواجب والمندوب.
أقسام الحج
مسألة 143:أقسام الحجّ ثلاثة: تمتّع، وإفراد، وقران، والأوّل
فرض من كان البعد بين أهله والمسجد الحرام ستة عشر
فرسخاً أو أكثر، والآخران فرض من كان أهله حاضري
المسجد الحرام، بأن يكون البعد بين أهله والمسجد
الحرام أقلّ من ستة عشر فرسخاً.مسألة 144:
لا بأس للبعيد أن يحجّ حجّ الإفراد أو القران
ندباً، كما لا بأس للحاضر أن يحجّ حجّ التمتع
ندباً، ولا يجوز ذلك في الفريضة، فلا يجزي حجّ
التمتّع عمّن وظيفته الإفراد أو القران، وكذلك
العكس، نعم قد تنقلب وظيفة المتمتّع إلى الإفراد،
كما يأتي.مسألة 145:
إذا أقام البعيد في مكّة، فإن كانت إقامته بعد
استطاعته ووجوب الحجّ عليه وجب عليه حجّ التمتّع،
وأمّا إذا كانت استطاعته بعد إقامته في مكّة وجب
عليه حجّ الإفراد أو القران بعد الدخول في السنة
الثالثة، وأمّا إذا استطاع قبل ذلك وجب عليه حجّ
التمتّع، هذا إذا كانت إقامته بقصد المجاورة،
وأمّا إذا كانت بقصد التوطّن فوظيفته حجّ الإفراد
أو القران من أوّل الأمر، إذا كانت استطاعته بعد
ذلك، وأمّا إذا
كانت قبل قصد التوطّن في مكّة فوظيفته حجّ التمتّع،
وكذلك الحال فيمن قصد التوطّن في غير مكّة من
الأماكن التي يكون البعد بينها وبين المسجد الحرام
أقلّ من ستّة عشر فرسخاً.مسألة 146:
إذا أقام في مكّة وكانت استطاعته في بلده، أو
استطاع في مكّة قبل انقلاب فرضه إلى حجّ الإفراد أو
القران، فالأظهر جواز إحرامه من أدنى الحلّ، وإن
كان الأحوط أن يخرج إلى أحد المواقيت والإحرام منها
لعمرة التمتّع، بل الأحوط أن يخرج إلى ميقات أهل
بلده.
حجّ التمتّع
مسألة 147:يتألّف هذا الحج من عبادتين، تسمّى أُولاهما
بالعمرة والثانية بالحجّ، وقد يطلق حجّ التمتّع
على الجزء الثاني منهما، ويجب الإتيان بالعمرة فيه
قبل الحجّ.مسألة 148:
تجب في عمرة التمتّع خمسة أمور:الأمر الأول: الإحرام من أحد
المواقيت، وستعرف تفصيلها.الأمر الثاني: الطواف حول البيت.الأمر الثالث: صلاة الطواف.الأمر الرابع: السعي بين الصفا
والمروة.الأمر الخامس: التقصير، وهو أخذ شيء
من الشعر أو الأظفار.فإذا أتى المكلّف بهذه الأعمال
الخمسة خرج من إحرامه، وحلّت له الأمور التي كانت
قد حرمت عليه بسبب الإحرام.مسألة 149:
اللازم على المكلّف أن يتهيّأ لأداء وظائف الحجّ
فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجّة الحرام.وواجبات الحجّ ثلاثة عشر، وهي كما
يلي:1 ـ الإحرام من مكّة، على تفصيل يأتي.2 ـ الوقوف في عرفات من ظهر اليوم
التاسع من ذي الحجّة الحرام إلى المغرب، وتقع عرفات على بعد
أربعة فراسخ من مكّة القديمة.3 ـ الوقوف في المزدلفة يوم العيد
الأضحى من الفجر إلى طلوع الشمس، وتقع المزدلفة بين
عرفات ومكّة.4 ـ رمي جمرة العقبة في منى يوم
العيد.5 ـ النحر أو الذبح في منى.6 ـ الحلق أو أخذ شيء من الشعر أو
الظفر في منى، وبذلك يحلّ له ما حرم عليه من جهة
الإحرام ما عدا النساء والطيب، وتبقى حرمة الصيد
إلى زوال اليوم الثالث عشر.7 ـ طواف الزيارة بعد الرجوع إلى
مكّة.8 ـ صلاة الطواف.9 ـ السعي بين الصفا والمروة، وبذلك
يحلّ الطيب أيضاً.10 ـ طواف النساء.11 ـ صلاة طواف النساء، وبذلك تحلّ
النساء أيضاً.12 ـ المبيت في منى ليلة الحادي عشر
وليلة الثاني عشر، بل ليلة الثالث عشر في بعض الصور
كما سيأتي.13 ـ رمي الجمار الثلاثة في اليوم
الحادي عشر والثاني عشر، بل في اليوم الثالث عشر
أيضاً فيما إذا بات المكلّف هناك على الأظهر.مسألة 150:
يشترط في حجّ التمتّع أمور:1 ـ النيّة، بأن يقصد الإتيان بحجّ
التمتع بعنوانه، فلو نوى غيره أو تردّد في نيّته لم
يصحّ حجّه.2 ـ أن يكون مجموع العمرة والحجّ في
أشهر الحجّ، فلو أتى بجزء من العمرة قبل دخول شوّال
لم تصحّ العمرة.3 ـ أن يكون الحجّ والعمرة في سنة
واحدة، فلو أتى بالعمرة وأخّر الحجّ إلى السنة
القادمة لم يصحّ التمتّع، ولا فرق في ذلك بين أن
يقيم في مكّة إلى السنة القادمة وأن يرجع إلى أهله
ثمّ يعود إليها، كما لا فرق بين أن يحلّ من إحرامه
بالتقصير وأن يبقى محرماً إلى السنة القادمة.4 ـ أن يكون إحرام حجّه من نفس مكّة
مع الاختيار، وأفضل مواضعه المقام أو الحجر، وإذا
لم يمكنه الإحرام من نفس مكّة أحرم من أيّ موضع
تمكّن منه.5 ـ أن يؤدّي مجموع عمرته وحجّه شخص
واحد عن شخص واحد، فلو استؤجر اثنان لحجّ التمتّع
عن ميّت أو حي، أحدهما لعمرته والآخر لحجّه لم يصحّ
ذلك، وكذلك لو حجّ شخص وجعل عمرته عن واحد وحجّه عن
آخر لم يصحّ.مسألة 151:
إذا فرغ المكلّف من أعمال عمرة التمتّع وجب عليه
الإتيان بأعمال الحجّ، ولا يجوز له الخروج من مكّة
لغير الحجّ، إلا أن يكون خروجه لحاجة ولم يخف فوات
أعمال الحجّ، فيجب والحالة هذه أن يحرم للحجّ من
مكّة ويخرج لحاجته، ثمّ يلزمه أن يرجع إلى مكّة
بذلك الإحرام ويذهب منها إلى عرفات على الأحوط،
وإذا لم يتمكّن من الرجوع إلى مكّة ذهب إلى عرفات من
مكانه.وكذلك لا يجوز لمن أتى بعمرة
التمتّع أن يترك الحجّ اختياراً ولو كان الحجّ
استحبابياً، نعم إذا لم يتمكّن من الحجّ فالأحوط أن
يجعلها عمرة مفردة، ويأتي بطواف النساء.مسألة 152:
كما لا يجوز للمتمتّع الخروج من مكّة بعد تمام
عمرته، كذلك لا يجوز له الخروج منها في أثناء
العمرة على الأحوط، فلو علم المكلّف قبل دخوله مكّة
باحتياجه إلى الخروج منها، كما هو شأن الحملدارية
فله أن يحرم أولاً للعمرة المفردة لدخول مكّة فيقضي
أعمالها، ثمّ يخرج لقضاء حوائجه، فإن رجع في نفس
الشهر الذي أحرم فيه فيجوز له أن يجعلها عمرة
التمتع وإن كان الأحوط استحباباً أن يحرم لعمرة
التمتّع من أحد المواقيت وإن رجع في الشهر الآخر
فيلزمه ذلك إن كان قد خرج فيه إلى خارج الحرم.مسألة 153:
المحرّم من الخروج عن مكّة بعد الفراغ من أعمال
العمرة أو أثنائها، إنّما هو الخروج عنها إلى محل
آخر، ولا بأس بالخروج إلى أطرافها وتوابعها، وعليه
فلا بأس للحاج أن يكون منزله خارج البلد فيرجع إلى
منزله أثناء العمرة أو بعد الفراغ منها.مسألة 154:
إذا خرج من مكّة بعد الفراغ من أعمال العمرة من دون
إحرام وتجاوز الحرم ففيه صورتان:الأولى: أن يكون رجوعه قبل مضي شهر
عمرته، ففي هذه الصورة يلزمه الرجوع إلى مكّة بدون
إحرام، فيحرم منها للحجّ ويخرج إلى عرفات.الثانية: أن يكون رجوعه بعد مضي شهر
عمرته، ففي هذه الصورة تلزمه إعادة العمرة، وعليه
طواف النساء للعمرة الأُولى على الأحوط ولكن لو ترك الإحرام
للعمرة الثانية لم يضر بصحّة التمتّع.مسألة 155:
من كانت وظيفته حجّ التمتّع لم يجز له العدول إلى غيره من إفراد
أو قران، ويستثنى من ذلك من دخل في عمرة التمتّع ثمّ
ضاق وقته فلم يتمكّن من إتمامها وإدراك الحجّ،
فإنّه ينقل نيّته إلى حجّ الإفراد ويأتي بالعمرة
المفردة بعد الحجّ، وحدّ الضيق المسوّغ لذلك خوف
فوات الركن من الوقوف الاختياري في عرفات.مسألة 156:
إذا علم مَن وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام
العمرة وإدراك الحجّ قبل أن يدخل في العمرة، لم يجز
له العدول من الأوّل، بل وجب عليه تأخير الحج إلى
السنة القادمة.مسألة 157:
إذا أحرم لعمرة التمتّع في سعة الوقت، وأخّر الطواف
والسعي متعمّداً إلى زمان لا يمكن الإتيان فيه بهما وإدراك
الحجّ بطلت عمرته، ولا يجزيه العدول إلى الإفراد
على الأظهر، لكن الأحوط أنّ الأُولى يتمّها بقصد
الأعمّ من حجّ الإفراد والعمرة المفردة.
حجّ الإفراد
مرّ عليك أنّ حجّ التمتّع يتألّف منجزئين، هما عمرة التمتع والحجّ، والجزء الأوّل منه
متّصل بالثاني، والعمرة تتقدّم على الحجّ.أمّا حجّ الافراد فهو عمل مستقل في
نفسه، واجب كما علمت على من يكون الفاصل بين منزله
وبين المسجد الحرام أقلّ من ستة عشر فرسخاً، وفيما
إذا تمكّن مثل هذا المكلّف من العمرة المفردة وجبت
عليه بنحو الاستقلال أيضاً.وعليه فإذا تمكّن من أحدهما دون
الآخر وجب عليه ما يتمكّن منه خاصّة، وإذا تمكّن من
أحدهما في زمان ومن الآخر في زمان آخر وجب عليه
القيام بما تقتضيه وظيفته في كلّ وقت، وإذا تمكّن
منهما في وقت واحد وجب عليه حينئذ الإتيان بهما،
والمشهور بين الفقهاء في هذه الصورة وجوب تقديم
الحجّ على العمرة المفردة، وهو الأحوط.مسألة 158:
يشترك حجّ الافراد مع حجّ التمتع في جميع أعماله،
ويفترق عنه في أمور:أولاً: يعتبر اتصال العمرة بالحج في
حج التمتّع ووقوعهما في سنة واحد كما مرّ، ولا
يعتبر ذلك في حجّ الإفراد.ثانياً: يجب النحر أو الذبح في حجّ
التمتّع كما مرّ ولا يعتبر شيء من ذلك في حجّ
الإفراد.ثالثاً: لا يجوز تقديم الطواف
والسعي على الوقوفين في حجّ التمتع مع الاختيار
ويجوز ذلك في حجّ الإفراد.رابعاً: إن إحرام حجّ التمتع يكون
بمكّة، وأمّا الإحرام في حجّ الإفراد فهو في أحد
المواقيت الآتية.خامساً: يجب تقديم عمرة التمتّع على
حجّه، ولا يعتبر ذلك في حجّ الإفراد.سادساً: لا يجوز بعد إحرام حجّ
التمتّع الطواف المندوب على الأحوط الوجوبي، ويجوز
ذلك في حجّ الإفراد.مسألة 159:
إذا أحرم لحجّ الإفراد ندباً جاز له أن يعدل إلى
عمرة التمتع، إلا فيما إذا لبّى بعد السعي، فليس له
العدول حينئذ إلى التمتع.مسألة 160:
إذا أحرم لحجّ الإفراد ودخل مكّة جاز له أن يطوف
بالبيت ندباً، ولكن يجب عليه التلبية، بعد الفراغ
من صلاة الطواف على الأحوط.
حجّ القران
مسألة 161:يتّحد هذا العمل مع حجّ الإفراد في جميع الجهات،
غير أنّ المكلّف يصحب معه الهدي وقت الإحرام، وبذلك
يجب الهدي عليه، والإحرام في هذا القسم من الحجّ
كما يكون بالتلبية يكون بالإشعار أو بالتقليد،
وإذا أحرم لحجّ القران لم يجز له العدول إلى حجّ التمتّع.
مواقيت الإحرام
هناك أماكن خصّصتها الشريعةالإسلامية المطهرة للإحرام منها، ويجب أن يكون
الإحرام من تلك الأماكن، ويسمّى كلّ منها ميقاتاً،
وهي عشرة:1 ـ مسجدة الشجرة، ويقع قريباً من
المدينة المنوّرة، وهو ميقات أهل المدينة وكلّ من
أراد الحجّ عن طريق المدينة، ويجوز الإحرام من خارج
المسجد محاذياً له من اليسار أو اليمين، والأحوط
الإحرام من نفس المسجد مع الإمكان، كما أنّ الأحوط
لزوماً عدم الاكتفاء بالإحرام خلف المسجد القديم.مسألة 162:
لا يجوز تأخير الإحرام من مسجد الشجرة إلى الجُحفة
إلا لضرورة، من مرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع.2 ـ وادي العقيق، وهو ميقات أهل
العراق ونجد وكلّ من مرّ عليه من غيرهم، وهذا
الميقات له أجزاء ثلاثة: المسلخ وهو اسم لأوّله،
والغمرة وهو اسم لوسطه، وذات عرق وهو اسم لآخره،
والأحوط الأولى أن يحرم المكلّف قبل أن يصل ذات
عرق، فيما إذا لم تمنعه عن ذلك تقية أو مرض.مسألة 163:
يجوز الإحرام في حال التقية قبل ذات عرق سرّاً من
غير نزع الثياب إلى ذات عرق، فإذا وصل ذات عرق نزع
ثيابه ولبس ثوبي الإحرام هناك.3 ـ الجُحفة، وهي ميقات أهل الشام
ومصر والمغرب وكلّ من يمرّ عليها من غيرهم، إذا لم
يحرم من الميقات السابق عليها.4 ـ يلملم، وهو ميقات أهل اليمن وكلّ
من يمرّ من ذلك الطريق، ويلملم اسم لجبل.5 ـ قرن المنازل، وهو ميقات أهل
الطائف وكلّ من يمرّ من ذلك الطريق، ولا يختصّ
بالمسجد، فأيّ مكان يصدق عليه أنّه من قرن المنازل
جاز له الإحرام منه، فإن لم يتمكّن من إحراز ذلك فله
أن يتخلّص بالإحرام قبلاً بالنذر كما هو جائز
اختياراً.6 ـ مكّة القديمة في زمان الرسول
(صلّى اللّه عليه وآله) والتي حدّها من عقبة
المدنيين إلى ذي طوى، وهي ميقات حجّ التمتع، والأحوط ترك
الإحرام من مكّة الجديدة ولكن لا بأس بالإحرام من
الأمكنة التي يشكّ في كونها من مكّة القديمة.7 ـ المنزل الذي يسكنه المكلّف، وهو
ميقات من كان منزله دون الميقات إلى مكّة فإنّه
يجوز له الإحرام من منزله ولا يلزم عليه الرجوع إلى
المواقيت.8 ـ الجعرانة: وهي ميقات أهل مكّة
لحجّ القران والإفراد على الأحوط وفي حكمهم من جاور
مكّة بعد السنتين، فإنّه بمنزلة أهلها، وأمّا قبل
ذلك فحكمه كما تقدّم في المسالة (146).9 ـ محاذاة مسجد الشجرة، فإنّ من
أقام بالمدينة شهراً أو نحوه وهو يريد الحجّ ثمّ
بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة، فإذا سار ستة
أميال كان محاذياً للمسجد، ويحرم من محلّ
المحاذاة، وفي التعدي عن محاذاة مسجد الشجرة إلى
محاذاة غيره من المواقيت بل عن خصوص المورد المذكور
إشكال، ولكنّه غير بعيد إذا لم يكن الفصل كثيراً
بحيث لا تصدق المحاذاة عرفاً.10 ـ أدنى الحلّ، وهو ميقات العمرة
المفردة بعد حجّ القران أو الإفراد، بل لكلّ عمرة
مفردة لمن كان بمكّة وأراد الإتيان بها، والأفضل أن
يكون من الحديبية أو الجعرانة أو التنعيم.
أحكام المواقيت
مسألة 164:لا يجوز الإحرام قبل الميقات ولا يكفي المرور عليه محرماً، بل
لابدّ من الإحرام من نفس الميقات، ويستثنى من ذلك
موردان:1 ـ أن ينذر الإحرام قبل الميقات،
فإنّه يصحّ ولا يلزمه التجديد في الميقات ولا المرور عليه، بل
يجوز له الذهاب إلى مكّة من طريق لا يمرّ بشيء من
المواقيت، ولا فرق في ذلك بين الحجّ الواجب
والمندوب والعمرة المفردة، نعم إذا كان إحرامه
للحجّ فلابدّ من أن يكون إحرامه في أشهر الحجّ كما
تقدّم.2 ـ إذا قصد العمرة المفردة في رجب
وخشي عدم إدراكها إذا أخّر الإحرام إلى الميقات جاز
له الإحرام قبل الميقات، وتحسب له عمرة رجب، وإن
أتى ببقية الأعمال في شعبان، ولا فرق في ذلك بين
العمرة الواجبة والمندوبة.مسألة 165:
يجب على المكلّف اليقين بوصوله إلى الميقات
والإحرام منه، أو يكون ذلك عن اطمئنان أو حجّة
شرعية، ومنها قول الناس الذين يعيشون في أطراف تلك
الأماكن، ولا يجوز له الإحرام عند الشكّ في الوصول
إلى الميقات.مسألة 166:
لو نذر الإحرام قبل الميقات وخالف وأحرم من الميقات
لم يبطل إحرامه، ووجبت عليه كفّارة مخالفة النذر،
إذا كان متعمّداً.مسألة 167:
كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات لا يجوز
تأخيره عنه، فلا يجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أو
دخول مكّة أن يتجاوز الميقات اختياراً إلا محرماً،
حتّى إذا كان أمامه ميقات آخر، فلو تجاوزه وجب
العود إليه مع الإمكان، نعم إذا لم يكن المسافر
قاصداً لما ذكر لكن لما وصل حدود الحرم أراد أن يأتي
بعمرة مفردة جاز له الإحرام من أدنى الحلّ.مسألة 168:
إذا ترك المكلّف الإحرام من الميقات عن علم وعمد
حتّى تجاوزه، ففي المسألة صور:الأولى: أن يتمكّن من الرجوع إلى
الميقات، ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع والإحرام
منه، سواء أكان رجوعه من داخل الحرم أم كان من
خارجه، فإن أتى بذلك صحّ عمله من دون إشكال.الثانية: أن يكون المكلّف في الحرم
ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات، لكن أمكنه الرجوع
إلى خارج الحرم، فقيل في هذه الصورة يجب عليه
الرجوع إلى خارج الحرم، والأحوط أن يبتعد إلى
الميقات بقدر ما أمكن فيحرم من هناك.الثالثة: أن يكون في الحرم ولم يمكنه
الرجوع إلى الميقات أو إلى خارج الحرم، ولو من جهة
خوفه فوات الحجّ، قيل في هذه الصورة يلزمه الإحرام
من مكانه.الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولم
يمكنه الرجوع إلى الميقات، قيل في هذه الصورة يلزمه
الإحرام من مكانه أيضاً.لكنّ الأحوط وجوباً إعادة الحجّ عند
التمكّن منها، فيما لو أتى بما ذكر في هذه الصور
الثلاث، وأمّا إذا لم يأت المكلّف بما ذكر فلا شكّ
في فساد حجّه.مسألة 169:
إذا ترك الإحرام عن نسيان أو إغماء أو ما شاكل ذلك،
أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل بالميقات، فللمسألة
كسابقتها صور أربع:الصورة الأولى: أن يتمكّن من الرجوع
إلى الميقات، فيجب عليه الرجوع والإحرام منه.الصورة الثانية: أن يكون في الحرم
ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات، لكن أمكنه الرجوع
إلى خارج الحرم، وعليه حينئذ الرجوع إلى الخارج
والإحرام منه، والأحوط في هذه الصورة الابتعاد عن
الحرم بالمقدار الممكن ثمّ الإحرام من هناك.الصورة الثالثة: أن يكون في الحرم
ولم يمكنه الرجوع إلى الخارج، وعليه في هذه الصورة
أن يحرم من مكانه وإن كان قد دخل مكّة.الصورة الرابعة: أن يكون خارج الحرم
ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات، وعليه في هذه الصورة
أن يحرم من محلّه، والأحوط أن يبتعد من الحرم إلى
الميقات بقدر ما أمكن.وفي جميع هذه الصور الأربع يحكم
بصحّة عمل المكلّف إذا قام بما ذكرناه من الوظائف،
وفي حكم تارك الإحرام من أحرم قبل الميقات أو بعده
ولو كان عن جهل أو نسيان.مسألة 170:
إذا تركت الحائض الإحرام من الميقات لجهلها بالحكم
إلى أن دخلت الحرم، فعليها كغيرها الرجوع إلى
الخارج والإحرام منه، إذا لم تتمكّن من الرجوع إلى
الميقات، والأحوط لها في هذه الصورة أن تبتعد عن
الحرم بالمقدار الممكن ثمّ تحرم على أن لا يكون ذلك
مستلزماً لفوات الحجّ، وفيما إذا لم يمكنها إنجاز
ذلك أحرمت من مكانها.مسألة 171:
إذا فسدت العمرة وجبت إعادتها مع التمكّن، ومع عدم
الإعادة ولو من جهة ضيق الوقت يفسد حجّه، وعليه
الإعادة في سنة أخرى.مسألة 172:
قال جمع من الفقهاء بصحّة العمرة فيما إذا أتى
المكلّف بها من دون إحرام لجهل أو نسيان، ولكنّ هذا
القول لا يخلو من إشكال، والأحوط في هذه الصورة
الإعادة على النحو الذي ذكرناه فيما إذا تمكّن منه،
وهذا الاحتياط لا يترك البتة.مسألة 173:
قد تقدّم أنّ النائي يجب عليه الإحرام لعمرته من
أحد المواقيت الخمسة الأولى، فإن كان طريقه منها
فلا إشكال، وإن كان طريقه لا يمرّ بها كما هو الحال
في زماننا هذا، حيث إنّ الحجّاج يردون جدّة ابتداءً
وهي ليست من المواقيت فلايجزىء الإحرام منها إلا
إذا كانت محاذية لأحد المواقيت على ما عرفت، ولكن
محاذاتها غير ثابتة، بل المطمأن به عدمها.فاللازم على الحاجّ حينئذ أن يمضي
إلى أحد المواقيت مع الإمكان، أو ينذر الإحرام من
بلده أو من الطريق قبل الوصول إلى جدّة بمقدار معتد
به، ولو في الطائرة فيحرم من محلّ نذره.ويمكن لمن ورد جدّة بغير إحرام أن
يمضي إلى «رابغ» الذي هو في طريق المدينة المنوّرة
ويحرم منه بنذر، باعتبار أنّه قبل الجحفة التي هي
أحد المواقيت، وإذا لم يمكن المضي إلى أحد المواقيت
ولم يحرم قبل ذلك بنذر لزمه الإحرام من جدّة
بالنذر، ثمّ يجدّد إحرامه خارج الحرم قبل دخوله
فيه.مسألة 174:
تقدّم أنّ المتمتّع يجب عليه أن يحرم لحجّه من
مكّة، فلو أحرم من غيرها عالماً عامداً لم يصحّ
إحرامه وإن دخل مكّة محرماً، بل وجب عليه الاستئناف
من مكّة مع الإمكان، وإلا بطل حجّه.مسألة 175:
إذا نسى المتمتّع الإحرام للحجّ بمكّة وجب عليه
العود مع الإمكان، وإلا أحرم في مكانه ولو كان في
عرفات وصحّ حجّه، وكذلك الجاهل بالحكم.مسألة 176:
لو نسى إحرام الحجّ ولم يذكر حتّى أتى بجميع أعماله
صحّ حجّه، وكذلك الجاهل.
كيفية الإحرام
واجبات الإحرام ثلاثة أمور:الأمر الأول: النيّة، ومعنى النيّةأن يقصد الإتيان بما يجب عليه في الحجّ أو العمرة
متقرّباً به إلى اللّه تعالى، وفيما إذا لم يعلم
المكلّف به تفصيلاً وجب عليه قصد الإتيان به
إجمالاً، واللازم عليه حينئذ الأخذ بما يجب عليه
شيئاً فشيئاً من الرسائل العملية أو ممن يثقّ به من المعلّمين،
فلو أحرم من غير قصد بطل إحرامه.ويعتبر في النيّة أمور:1 ـ القربة، كغير الإحرام من
العبادات.2 ـ أن تكون مقارنة للشروع فيه.3 ـ تعيين أنّ الإحرام للعمرة أو
للحجّ، وأنّ الحجّ تمتّع أو قران أو إفراد، وأنّه
لنفسه أو لغيره، وأنّه حجّة الإسلام أو الحجّ
النذري أو الواجب بالإفساد أو الندبي، فلو نوى
الإحرام من غير تعيين بطل إحرامه.مسألة 177:
لا يعتبر في صحّة النيّــة التلفّظ ولا
الإخطار بالبال، بل يكفي
الداعي كما في غير الإحرام من ا لعبادات.مسألة 178:
لا يعتبر في صحّة الإحرام العزم على ترك محرّماته
حدوثاً وبقاءً حتّى الجماع والاستمناء في الحجّ
قبل الوقوف بالمزدلفة بل وقبل الفراغ من السعي في
العمرة المفردة على الأظهر.الأمر الثاني: التلبية: وصورتها أن
يقول: «لَبَّيْك اللّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ
لا شَريْكَ لَكَ لَبَّيْكَ»، والأحوط الأولى إضافة
هذه الجملة: «إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ
وَالمُلْكَ، لا شَريْكَ لَكَ لَبَّيْكَ» ويجوز إضافة «لَكَ»
إلى «الملك»، بأن يقول: «وَالْمُلْكَ لَكَ، لا
شَريْكَ لَكَ لَبَّيْكَ».مسألة 179:
على المكلّف أن يتعلّم ألفاظ التلبية ويحسن أداءها
بصورة صحيحة، كتكبيرة الإحرام في الصلاة، ولو كان
ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر، فإذا
لم يتعلّم تلك الألفاظ ولم يتيسّر له التلقين، فالأحوط
الجمع بين الإتيان بالمقدار الذي يتمكّن منه
والاستنابة لذلك، وأحوط منه ضمّ الإتيان بالترجمة.مسألة 180:
الأخرس يشير إلى التلبية باصبعه مع تحريك لسانه،
والأولى أن يجمع بينها وبين الاستنابة.مسألة 181:
الصبي غير المميّز يُلبَّى عنه.مسألة 182:
لا ينعقد إحرام حجّ التمتّع، وإحرام عمرته، وإحرام
حجّ الإفراد وإحرام العمرة المفردة إلا بالتلبية،
وأمّا حجّ القران فكما يتحقّق إحرامه بالتلبية
يتحقّق بالإشعار أو التقليد، والإشعار مختصَّ
بالبدن والتقليد مشترك بين البدن وغيرها من أنواع
الهدي، والأولى الجمع بين الإشعار والتقليد في
البدن، والأحوط التلبية على القارن، وإن كان عقد
إحرامه بالإشعار أو التقليد.ثمّ انّ الاشعار هو شقّ السنام
الأيمن بأن يقوم المحرم من الجانب الأيسر من الهدي
ويشقّ سنامه من الجانب الأيمن ويلطّخ صفحته بدمه،
والتقليد هو أن يعلّق في رقبة الهدي نعلاً خلقاً قد
صلّى فيها.مسألة 183:
لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر والأكبر في صحّة
الإحرام، فيصحّ الإحرام من المحدث بالأصغر أو
الأكبر، كالمجنب والحائض والنفساء وغيرهم.مسألة 184:
التلبية بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة، فلا
يتحقّق الإحرام إلا بها، أو بالإشعار أو التقليد
لخصوص القارن، فلو نوى الإحرام ولبس الثوبين وفعل
شيئاً من المحرّمات قبل تحقّق الإحرام لم يأثم وليس عليه
كفّارة.مسألة 185:
الأفضل بل الأحوط لمن حجّ عن طريق المدينة تجديد
التلبية إلى البيداء، والأفضل لمن حجّ عن طريق آخر
تأخيرها إلى أن يمشي قليلاً، ولمن حجّ من مكّة
تأخيرها إلى الرقطاء، ولكنّ الأحوط التعجيل بها
ويؤخّر الجهر بها إلى المواضع المذكورة، والبيداء
بين مكّة والمدينة على ميل من ذي الحُليفة نحو
مكّة، والرقطاء موضع يسمّى مدعى دون الردم.مسألة 186:
يجب لمن اعتمر عمرة التمتّع قطع التلبية عند مشاهدة
موضع بيوت مكّة القديمة، ولمن اعتمر عمرة مفردة
قطعها عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم، وعند
مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من مكّة لإحرامها،
ولمن حجّ بأيّ نوع من أنواع الحجّ قطعها عند الزوال
من يوم عرفة.مسألة 187:
إذا شكّ بعد لبس الثوبين وقبل التجاوز من الميقات،
في أنّه قد أتى بالتلبية أم لا بنى على عدم الإتيان،
وإذا شكّ بعد الإتيان بالتلبية أنّه أتى بها صحيحة
أم لا بنى على الصحّة.الأمر الثالث: لبس الثوبين بعد
التجرّد عمّا يجب على المحرم اجتنابه، يتّزر
بأحدهما ويرتدي بالآخر، ويستثنى من ذلك الصبيان،
فيجوز تأخير تجريدهم إلى فخّ، كما تقدّم.مسألة 188:
لبس الثوبين للمحرم واجب تعبّدي وليس شرطاً في
تحقّق الإحرام على الأظهر، والأحوط أن يكون لبسهما
على الطريق المألوف.مسألة 189:
يعتبر في الإزار أن يكون ساتراً من السُرّة إلى
الرُّكبة، كما يعتبر في الرداء أن يكون ساتراً
للمنكبين، والأحوط كون اللبس قبل النيّة والتلبية،
فلو قدّمهما عليه أعادهما بعده.مسألة 190:
لو أحرم في قميص جاهلاً أو ناسياً نزعه وصحّ
إحرامه، بل الأظهر صحّة إحرامه حتّى فيما إذا أحرم
فيه عالماً عامداً، وأمّا إذا لبسه بعد الإحرام فلا
إشكال في صحّة إحرامه، ولكن يلزم عليه شقّه وإخراجه
من تحت.مسألة 191:
لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام
وبعده للتحفّظ من البرد أو الحرّ أو لغير ذلك.مسألة 192:
يعتبر في الثوبين نفس الشروط المعتبرة في لباس
المصلّي، فيلزم أن لا يكونا من الحرير الخالص، ولا
من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، ولا من المذهّب ، ويلزم
طهارتهما كذلك ، نعم لا بأس بتنجّسهما بنجاسة معفوّ
عنها في الصلاة.مسألة 193:
يلزم في الإزار أن يكون ساتراً للبشرة غير حاك
عنها، والأحوط اعتبار ذلك في الرداء أيضاً.مسألة 194:
الأحوط في الثوبين أن يكونا من المنسوج، ولا يكونا
من قبيل الجلد والملبد.مسألة 195:
يختصّ وجوب لبس الأزار والرداء بالرجال دون
النساء، فيجوز لهنّ أن يحرمن في ألبستهنّ العادية
على أن تكون واجدة للشرائط المتقدّمة.مسألة 196:
إنّ حرمة لبس الحرير وإن كانت تختصّ بالرجال ولا
يحرم لبسه على النساء، إلا أنّه لا يجوز للمرأة أن يكون ثوبها من
الحرير، والأحوط أن لا تلبس شيئاً من الحرير الخالص
في جميع أحوال الإحرام.مسألة 197:
إذا تنجّس أحد الثوبين، أو كلاهما بعد التلبّس
بالإحرام، فالأحوط المبادرة إلى التبديل أو
التطهير.مسألة 198:
لا تجب الاستدامة في لباس الإحرام، فلا بأس بإلقائه
عن متنه لضرورة أو غير ضرورة، كما لا بأس بتبديله
على أن يكون البدل واجداً للشرائط.
تروك الإحرام
قلنا في ما سبق: إنّ الإحرام يتحقّقبالتلبية أو الأشعار أو التقليد، ولا ينعقد
الإحرام بدونها، وإن حصلت منه نيّة الإحرام، فإذا
أحرم المكلّف حرمت عليه أمور، وهي خمسة وعشرون كما
يلي.(1) الصيد البرّي (2) مجامعة النساء (3)
تقبيل النساء (4) لمس المرأة (5) النظر إلى المرأة (6)
الاستمناء (7) عقد النكاح (8) استعمال الطيب (9) لبس
المخيط للرجال (10) الاكتحال (11) النظر في المرآة (12) لبس الخف والجورب
للرجال (13) الكذب والسبّ (14) المجادلة (15) قتل القمل
ونحوه من الحشرات التي تكون على جسد الإنسان (16)
التزيين (17) الادّهان (18) إزالة الشعر من البدن (19)
ستر الرأس للرجال، وهكذا الارتماس في الماء حتّى
على النساء (20) ستر الوجه للنساء (21) التظليل للرجال
(22) إخراج الدم من البدن (23) التقليم (24) قلع السنّ (25)
حمل السلاح.
1 ـ الصيد البرّي:
مسألة 199:لا يجوز للمحرم سواء كان في الحلّ أو الحرم صيد
الحيوان البرّي أو قتله، سواء كان محلّل الأكل أم
لم يكن، كما لا يجوز له قتل الحيوان البرّي وإن
تأهّل بعد صيده، ولا يجوز صيد الحرم مطلقاً وإن كان
الصائد محلاً.مسألة 200:
كما يحرم على المحرم صيد الحيوان البرّي تحرم عليه
الإعانة على صيده، ولو بالإشارة، ولا فرق في حرمة
الإعانة بين أن يكون الصائد محرماً أو محلاً.مسألة 201:
لا يجوز للمحرم إمساك الصيد البرّي والاحتفاظ به،
وإذا كان معه أو أدخله الحرم إن كان اصطياده له قبل
إحرامه، ولا يجوز له أكل لحم الصيد وإن كان الصائد
محلاً، ويحرم الصيد الذي ذبحه المحرم على المحلّ
أيضاً، وكذلك ما ذبحه المحلّ في الحرم، والجراد ملحق بالحيوان
البرّي، فيحرم صيده وإمساكه وأكله.مسألة 202:
الحكم المذكور إنّما يختصّ بالحيوان البرّي، وأمّا
صيد البحر كالسمك فلا بأس به، والمراد بصيد البحر
ما يعيش فيه فقط، وأمّا ما يعيش في البرّ والبحر
كليهما فملحق بالبرّي، ولا بأس بصيد ما يشكّ في
كونه برّياً على الأظهر، وكذلك لا بأس بذبح الحيوانات الأهليّة
كالدجاج والغنم والبقر والإبل والدجاج الحبشي وإن
توحّشت، كما لا بأس بذبح ما يشكّ في كونه أهليّاً.مسألة 203:
فراخ هذه الأقسام الثلاثة من الحيوانات البرّية
والبحرية والأهلية وبيضها تابعة للأصول في حكمها.مسألة 204:
لا يجوز للمحرم قتل السباع إلا فيما إذا خيف منها
على النفس، وكذلك إذا آذت حمام الحرم، ولا كفّارة
في قتل السباع حتّى الأسد على الأظهر، بلا فرق بين
ما جاز قتلها وما لم يجز.مسألة 205:
يجوز للمحرم أن يقتل الأفعى والأسود الغدر وكلّ
حيّة سوء والعقرب والفأرة، ولا كفّارة في قتل شيء من ذلك.مسألة 206:
لا بأس للمحرم أن يرمي الغراب والحدأة، ولا كفّارة
لو أصابهما الرمي وقتلهما.
كفّارات الصيد
مسألة 207:في قتل النعامة بدنة، وفي قتل البقرة الوحش بقرة،
وفي قتل حمار الوحش بدنة أو بقرة، وفي قتل الظبي
والأرنب شاة، وكذلك في الثعلب على الأحوط.مسألة 208:
من أصاب شيئاً من الصيد، فإن كان فداؤه بدنة ولم
يجدها فعليه إطعام ستين مسكيناً، لكلّ مسكين مُدّ،
فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً، وإن كان فداؤه
بقرة ولم يجدها فليطعم ثلاثين مسكيناً، فإن لم يقدر
صام تسعة أيام، وإن كان فداؤه شاة ولم يجدها فليطعم
عشرة مساكين، فإن لم يقدر صام ثلاثة أيام.مسألة 209:
إذا قتل المحرم حمامة ونحوها في خارج الحرم فعلية
شاة، وفي فرخها حمل أو جدى، وفي كسر بيضها درهم على
الأحوط، وإذا قتلها المحلّ في الحرم فعليه درهم،
وفي فرخها نصف درهم، وفي بيضها ربعه، وإذا قتلها
المحرم في الحرم فعليه الجمع بين الكفّارتين،
وكذلك في قتل الفرخ وكسر البيض، وحكم البيض إذا
تحرّك فيه الفرخ حكم الفرخ.مسألة 210:
في قتل القطاة والحَجَل والدُّرّاج ونظيرها حمل قد
فطم من اللبن وأكل من الشجر، وفي العُصفور
والقُبَّرة والصَعوة مد من الطعام على المشهور،
والأحوط فيها حمل فطيم، وفي قتل جرادة واحدة تمرة،
وفي أكثر من واحدة كفّ من الطعام، وفي الكثير شاة.مسألة 211:
في قتل اليربوع والقُنفُذ والضَب وما أشبهها جدى،
وفي قتل العظاية كف من الطعام.مسألة 212:
في قتل الزنبور متعمداً إطعام شيء من الطعام، وإذا
كان القتل دفعاً لإيذائه فلا شيء عليه.مسألة 213:
يجب على المحرم أن ينحرف عن الجادّة إذا كان فيها
الجراد، فإن لم يتمكّن فلا بأس بقتلها.مسألة 214:
لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد، فعلى كلّ واحد
منهم كفارة مستقلة.مسألة 215:
كفارة أكل الصيد ككفّارة الصيد نفسه، فلو صاده
المحرم وأكله فعليه كفارتان.مسألة 216:
من كان معه صيد ودخل الحرم يجب عليه إرساله، فإن لم
يرسله حتّى مات لزمه الفداء، بل الحكم كذلك بعد
إحرامه وإن لم يدخل الحرم على الأحوط.مسألة 217:
لا فرق في وجوب الكفّارة في قتل الصيد وأكله بين
العمد والسهو والجهل.مسألة 218:
تتكرّر الكفّارة بتكرّر الصيد جهلاً أو نسياناً أو
خطأً، وكذلك في العمد إذا كان الصيد من المحلّ في
الحرم، أو من المحرم مع تعدّد الإحرام، وأمّا إذا
تكرّر الصيد عمداً من المحرم في إحرام واحد لم
تتعدّد الكفّارة.
2 ـ مجامعة النساء:
مسألة 219:يحرم على المحرم الجماع أثناء عمرة التمتّع،
وأثناء العمرة المفردة، وأثناء الحجّ، وبعده قبل
الإتيان بصلاة طواف النساء.مسألة 220:
إذا جامع المتمتّع أثناء عمرته قبلاً أو دبراً
عالماً عامداً، فإن كان بعد الفراغ من السعي لم تفسد عمرته ووجبت
عليه الكفّارة، وهي شاة، والأحوط جزور أو بقرة، وإن
كان قبل الفراغ من السعي فكفّارته كما تقدّم، ولا
تفسد عمرته أيضاً على الأظهر، والأحوط إعادتها قبل
الحجّ مع الإمكان، وإلا أعاد حجّه في العام القابل.مسألة 221:
إذا جامع المحرم للحجّ امرأته قبلاً أو دبراً
عالماً عامداً قبل الوقوف بالمزدلفة، وجبت عليه
الكفّارة والإتمام وإعادة الحجّ من عام قابل، سواء
كان الحجّ فرضاً أو نفلاً، وكذلك المرأة إذا كانت
محرمة وعالمة بالحال ومطاوعة له على الجماع، ولو
كانت المرأة مكرهة على الجماع لم يفسد حجّها، وتجب
على الزوج المكره كفّارتان، ولا شيء على المرأة.وكفّارة الجماع بدنة مع اليسر ومع
العجز عنها شاة، ويجب التفريق بين الرجل والمرأة في
حجّتهما، وفي المعادة إذا لم يكن معهما ثالث إلى أن
يرجعا إلى نفس المحلّ الذي وقع فيه الجماع، وإذا
كان الجماع بعد تجاوزه من منى إلى عرفات لزم
استمرار الفصل بينهما من ذلك المحلّ إلى وقت النحر بمنى،
والأحوط استمرار الفصل إلى الفراغ من تمام أعمال
الحجّ.مسألة 222:
إذا جامع المحرم امرأته عالماً عامداً بعد الوقوف
بالمزدلفة، فإن كان ذلك قبل طواف النساء وجبت عليه
الكفّارة على النحو المتقدّم، ولكن لا تجب عليه
الإعادة، وكذلك إذا كان جماعه قبل الشوط الخامس من
طواف النساء، وأمّا إذا كان بعده فلا كفّارة عليه
أيضاً.مسألة 223:
من جامع إمرأته عالماً عامداً في العمرة المفردة
وجبت عليه الكفّارة على النحو المتقدّم، ولا تفسد
عمرته إذا كان الجماع بعد السعي، وأمّا إذا كان
قبله وجبت الكفّارة، ووجب عليه بعد إتمام عمرته أن
يقيم بمكّة إلى شهر آخر ثمّ يخرج إلى أحد المواقيت
ويحرم منه للعمرة المعادة.مسألة 224:
من أحلّ من إحرامه إذا جامع زوجته المحرمة وجبت
الكفّارة على زوجته، وعلى الرجل أن يغرمها،
والكفّارة بدنة.مسألة 225:
إذا جامع المحرم إمرأته جهلاً أو نسياناً صحّت
عمرته وحجّه، ولا تجب عليه الكفّارة، وهذا الحكم
يجري في بقيّة المحرّمات الآتية التي توجب
الكفّارة، بمعنى أنّ ارتكاب أيّ عمل على المحرم لا
يوجب الكفّارة إذا كان صدوره منه ناشئاً عن جهل أو
نسيان.ويستثنى من ذلك موارد:1 ـ ما إذا نسى الطواف في الحجّ وواقع
أهله، أو نسى شيئاً من السعي في عمرة التمتّع،
فأحلّ لاعتقاده الفراغ من السعي، وما إذا أتى أهله
بعد السعي وقبل التقصير جاهلاً بالحكم على الأحوط
في الأخيرين.2 ـ من أمرّ يده على رأسه أو لحيته
عبثاً فسقطت شعرة أو شعرتان.3 ـ ما إذا ادّهن عن جهل، على الأحوط،
ويأتي جميع ذلك في محالّها.
3 ـ تقبيل النساء:
مسألة 226:لا يجوز للمحرم تقبيل زوجته عن شهوة، فلو قبّلها
وخرج منه المني فعليه كفّارة بدنة أو جزور، وإذا لم
يخرج منه المني أو لم يكن التقبيل عن شهوة فكفّارته
شاة.مسألة 227:
إذا قبّل الرجل بعد طواف النساء إمرأته المحرمة،
فالأحوط أن يكفّر بدم شاة.
4 ـ مسّ النساء:
مسألة 228:لا يجوز للمحرم أن يمسّ زوجته عن شهوة، فإن فعل ذلك
لزمه كفّارة شاة، فإذا لم يكن المسّ عن شهوة فلا شيء عليه.
5 ـ النظر إلى المرأة
وملاعبتها:
مسألة 229:إذا لاعب المحرم امرأته حتّى يمني لزمته كفّارة
بدنة، وإذا نظر إلى إمرأة أجنبية عن شهوة أو غير
شهوة فأمنى وجبت عليه الكفّارة، وهي بدنة أو جزور
على الموسر، وبقرة على المتوسط وشاة على الفقير،
وأمّا إذا نظر إليها ولو عن شهوة ولم يُمن فهو وإن
كان مرتكباً لمحرّم إلا أنّه لا كفّارة عليه.مسألة 230:
إذا نظر المحرم إلى زوجته عن شهوة فأمنى وجبت عليه
الكفّارة، وهي بدنة أو جزور، وأمّا إذا نظر إليها
بشهوة ولم يُمن، أو نظر إليها بغير شهوة فأمنى فلا
كفّارة عليه.مسألة 231:
يجوز استمتاع المحرم بزوجته في غير ما ذكر على
الأظهر، إلا أنّ الأحوط ترك الاستمتاع منها مطلقاً.
6 ـ الاستمناء:
مسألة 232:إذا عبث المحرم بذكره فأمنى فحكمه حكم الجماع،
وعليه فلو وقع ذلك في إحرام الحجّ قبل الوقوف
بالمزدلفة وجبت الكفّارة، ولزم إتمامه وإعادته في
العام القادم، كما أنّه لو فعل ذلك في عمرته
المفردة قبل الفراغ من السعي بطلت عمرته ولزمه
الإتمام والإعادة على ما تقدّم.وكفّارة الاستمناء كفّارة الجماع،
ولو استمنى بغير ذلك كالنظر والخيال، وما شاكل ذلك
فأمنى لزمته الكفّارة، ولا تجب إعادة حجّه ولا تفسد
عمرته على الأظهر، وإن كان الأولى رعاية الاحتياط.
7 ـ عقد النكاح:
مسألة 233:يحرم على المحرم التزويج لنفسه أو لغيره، سواء أكان
ذلك الغير محرماً أم كان محلاً، وسواء أكان التزويج
تزويج دوام أم كان تزويج انقطاع، ويفسد العقد في
جميع هذه الصور.مسألة 234:
لو عقد المحرم أو عقد المحلّ للمحرم إمرأة ودخل
الزوج بها وكان العاقد والزوج عالمين بتحريم العقد
في هذا الحال، فعلى كلّ منهما كفّارة بدنة، وكذلك
على المرأة إن كانت عالمة بالحال.مسألة 235:
المشهور حرمة حضور المحرم مجلس العقد والشهادة
عليه، وهو الأحوط، وذهب بعضهم إلى حرمة أداء
الشهادة على العقد السابق أيضاً، ولكن دليله غير
ظاهر.مسألة 236:
الأحوط أن لا يتعرّض المحرم لخطبة النساء، نعم لا
بأس بالرجوع إلى المطلّقة الرجعية وبشراء الإماء،
وإن كان شراؤها بقصد الاستمتاع، والأحوط أن لا يقصد
بشرائه الاستمتاع حال الإحرام، والأظهر جواز تحليل
أمته، وكذا قبوله التحليل.
8 ـ استعمال الطيب:
مسألة 237:يحرم على المحرم استعمال الزعفران والعود والمسك
والورس والعنبر بالشمّ والدّلك والأكل، وكذلك لبس
ما يكون عليه أثر منها، والأحوط الأولى الاجتناب عن
كلّ طيب.مسألة 238:
لا بأس بأكل الفواكه الطيّبة الرائحة كالتفّاح
والسفرجل، ولكن الأولى أن يمسك عن شمّها حين الأكل.مسألة 239:
لا يجب على المحرم أن يمسك على أنفه من الرائحة
الطيّبة حال سعيه بين الصفا والمروة، إذا كان هناك
من يبيع العطور، ولكن الأحوط لزوماً أن يمسك على
أنفه من الرائحة الطيّبة في غير هذا الحال، ولا بأس
بشمّ خلوق الكعبة وهو نوع خاص من العطر.مسألة 240:
إذا استعمل المحرم متعمداً شيئاً من الروائح
الطيّبة فعليه كفّارة شاة على المشهور، ولكن في
ثبوت الكفّارة على غير الأكل إشكال، وإن كان الأحوط
التكفير.مسألة 241:
الأحوط وجوباً على المحرم أن لا يمسك على أنفه من الروائح
الكريهة، نعم لا بأس بالإسراع في المشي للتخلّص من
ذلك.
9 ـ لبس المخيط للرجال:
مسألة 242:يحرم على المحرم أن يلبس القميص والقباء والسروال
والثوب المزرور مع شدّ أزراره والدرع، وهو كلّ ثوب
يمكن أن تدخل فيه اليدان والأحوط الاجتناب عن كلّ
ثوب مخيط، بل الأحوط الاجتناب عن كلّ ثوب يكون
مشابهاً للمخيط، كالملبّد الذي تستعمله الرعاة.ويستثنى من ذلك «الهميان»، وهو ما
يوضع فيه النقود للاحتفاظ بها ويشدّ على الظهر أو
البطن، فإنّ لبسه جائز وإن كان من المخيط، ويجوز
للمحرم أن يغطّي بدنه ما عدا الرأس باللّحاف ونحوه
من المخيط حالة الاضطجاع للنوم وغيره.مسألة 243:
الأحوط أن لا يعقد الأزار في عنقه، بل لا يعقده
مطلقاً ولو بعضه ببعض، ولايغرزه بإبرة ونحوها،
والأحوط أن لا يعقد الرداء أيضاً، ولابأس بغرزه
بالإبرة وأمثالها.مسألة 244:
يجوز للنساء لبس المخيط مطلقاً عدا القُفّازين،
وهو لباس خاص يلبس لليدين.مسألة 245:
إذا لبس المحرم متعمّداً شيئاً ممّا حرم لبسه عليه
فكفّارته شاة، والأحوط لزوم الكفّارة عليه ولو كان
لبسه للاضطرار.
10 ـ الاكتحال:
مسألة 246:الاكتحال على صور:1 ـ أن يكون بكحل أسود مع قصد الزينة،
وهذا حرام على المحرم قطعاً، وتلزمه كفّارة شاة على
الأحوط الأولى.2 ـ أن يكون بكحل أسود، مع عدم قصد
الزينة.3 ـ أن يكون بكحل غير أسود مع قصد
الزينة، والأحوط الاجتناب في هاتين الصورتين، كما
أنّ الأحوط الأولى التكفير فيهما.4 ـ الاكتحال بكحل غير أسود ولا يقصد
به الزينة، ولا بأس به، ولا كفّارة عليه بلا إشكال.
11 ـ النظر في المرآة:
مسألة 247:يحرم على المحرم النظر في المرآة للزينة، وكفّارته
شاة على الأحوط الأولى، وأمّا إذا كان النظر فيها
لغرض آخر غير الزينة كنظر السائق فيها لرؤية ما
خلفه من السيّارات فلا بأس به، ويستحبّ لمن نظر
فيها للزينة تجديد التلبية، أمّا لبس النظّارة فلا
بأس به للرجل أو المرأة إذا لم يكن للزينة، والأولى
الاجتناب عنه، وهذا الحكم لا يجري في سائر الأجسام
الشفّافة، فلا بأس بالنظر إلى الماء الصافي أو
الأجسام الصقيلة الأخرى.
12 ـ لبس الخفّ والجورب:
مسألة 248:يحرم على الرجل المحرم لبس الخفّ والجورب، وكفّارة
ذلك شاة على الأحوط، ولا بأس بلبسهما للنساء،
والأحوط الاجتناب عن لبس كلّ ما يستر تمام ظهر
القدم، وإذا لم يتيسّر للمحرم نعل أو شبهه ودعت
الضرورة إلى لبس الخفّ فالأحوط الأولى خرقه من
المقدّم، ولا بأس بستر تمام ظهر القدم من دون لبس.
13 ـ الكذب والسبّ:
مسألة 249:الكذب والسبّ محرّمان في جميع الأحوال، لكن
حرمتهما مؤكّدة حال الإحرام، والمراد من الفسوق في
قوله تعالى: «فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحجّ»،
هو الكذب والسبّ.أمّا التفاخر وهو إظهار الفخر من
حيث الحسب أو النسب، فهو على قسمين:الأوّل: أن يكون ذلك لإثبات فضيلة
لنفسه مع استلزام الحطّ من شأن الآخرين، وهذا محرّم
في نفسه.الثاني: أن يكون ذلك لإثبات فضيلة
لنفسه من دون أن يستلزم إهانة الغير، وحطّاً من
كرامته، وهذا لا بأس به، ولا يحرم لا على المحرم ولا
على غيره.
14 ـ الجدال:
مسألة 250:لا يجوز للمحرم الجدال، وهو قول «لا واللّه» و«بلى
واللّه»، والأحوط ترك الحلف حتّى بغير هذه الألفاظ
وبما يرادفها من سائر اللّغات.مسألة 251:
يستثنى من حرمة الجدال أمران:الأول: أن يكون ذلك لضرورة تقتضيه من
إحقاق حقّ أو إبطال باطل.الثاني: أن لا يقصد بذلك الحلف بل
يقصد به أمراً آخر كإظهار المحبّة والتعظيم، كقول
القائل: لا واللّه لا تفعل ذلك.مسألة 252:
لا كفّارة على المجادل فيما إذا كان صادقاً في
قوله، ولكنّه يستغفر ربّه، هذا فيما إذا لم يتجاوز
حلفه المرّة الثانية، وإلا كان عليه كفّارة شاة،
وأمّا إذا كان الجدال عن كذب فعليه شاة للمرّة
الأولى، وشاة أخرى للمرّة الثانية، وبقرة للمرّة
الثالثة.
15 ـ قتل هوامّ الجسد:
مسألة 253:لا يجوز للمحرم قتل القمل ولا إلقاؤه من جسده، ولا بأس بنقله
من مكان إلى مكان آخر، وإذا قتله فالأحوط التكفير
عنه بكفّ من الطعام للفقير، أمّا البقّ والبرغوث
وأمثالهما فالأحوط عدم قتلهما إذا لم يكن هناك ضرر
يتوجّه منهما على المحرم، وأمّا دفعهما فالأظهر
جوازه وإن كان الترك أحوط.
16 ـ التزيّن:
مسألة 254:يحرم على المحرم التختّم بقصد الزينة، ولا بأس بذلك
بقصد الاستحباب، بل يحرم عليه التزيّن مطلقاً،
وكفّارته شاة على الأحوط الأولى.مسألة 255:
يحرم على المحرم استعمال الحنّاء فيما إذا عدّ زينة
خارجاً وإن لم يقصد به التزيّن، نعم لا بأس به إذا
لم يكن زينة، كما إذا كان لعلاج ونحوه.مسألة 256:
يحرم على المرأة المحرمة لبس الحلي للزينة،
ويستثنى من ذلك ما كانت تعتاد لبسه قبل إحرامه
ولكنّها لا تظهره لزوجها ولا لغيره من الرجال.
17 ـ الادّهان:
مسألة 257:لا يجوز للمحرم الادّهان ولو كان بما ليست فيه
رائحة طيّبة، ويستثنى من ذلك ما كان لضرورة أو علاج.مسألة 258:
كفّارة الادّهان شاة إذا كان عن علم وعمد، وإذا كان
عن جهل فإطعام فقير، على الأحوط في كليهما.
18 ـ إزالة الشعر عن البدن:
مسألة 259:لا يجوز للمحرم أن يزيل الشعر عن بدنه أو بدن غيره
المحرم أو المحلّ، وتستثنى من ذلك حالات أربع:1 ـ أن يتكاثر القمل على جسد المحرم
ويتأذّى بذلك.2 ـ أن تدعو ضرورة إلى إزالته، كما
إذا أوجبت كثرة الشعر صداعاً أو نحو ذلك.3 ـ أن يكون الشعر نابتاً في أجفان
العين ويتألّم المحرم بذلك.4 ـ أن ينفصل الشعر من الجسم من غير
قصد حين الوضوء أو الاغتسال.مسألة 260:
إذا حلق المحرم رأسه من دون ضرورة فكفّارته شاة،
وإذا حلقه لضرورة فكفّارته شاة، أو صوم ثلاثة أيام،
أو إطعام ستّة مساكين، لكلّ واحد مدّان من الطعام،
وإذا نتف المحرم شعره النابت تحت إبطيه فكفّارته
شاة، وكذا إذا نتف أحد إبطيه على الأحوط، وإذا نتف
شيئاً من شعر لحيته وغيرها فعليه أن يطعم مسكيناً
بكفّ من الطعام، ولا كفّارة في حلق المحرم رأس غيره
محرماً كان أم محلاً.مسألة 261:
لا بأس بحكّ المحرم رأسه ما لم يسقط الشعر عن رأسه
ومالم يدمه، وكذلك البدن، وإذا أمرّ المحرم يده على
رأسه أو لحيته عبثاً فسقطت شعرة أو شعرتان،
فليتصدّق بكفٍّ من طعام، وأمّا إذا كان في الوضوء
ونحوه فلا شيء عليه.
19 ـ ستر الرأس للرجال:
مسألة 262:لا يجوز للرجل المحرم ستر رأسه، ولو جزء منه بأيّ
ساتر كان حتى مثل الطين، بل وبحمل شيء على الرأس على
الأحوط، نعم لا بأس بستره بحبل القربة، وكذلك
تعصيبه بمنديل ونحوه من جهة الصداع، وكذلك لا يجوز
ستر الأُذنين.مسألة 263:
يجوز ستر الرأس بشيء من البدن كاليد، والأولى تركه.مسألة 264:
لا يجوز للمحرم الارتماس في الماء، وكذلك في غير
الماء على الأحوط، والظاهر أنّه لا فرق في ذلك بين
الرجل والمرأة.مسألة 265:
إذا ستر المحرم رأسه فكفّارته شاة على الأحوط،
والظاهر عدم وجوب الكفّارة في موارد جواز الستر
والاضطرار.
20 ـ ستر الوجه للنساء:
مسألة 266:لا يجوز للمرأة المحرمة أن تستر وجهها بالبرقع أو
النقاب أو ما شابه ذلك، والأحوط أن لا تستر وجهها
بأيّ ساتر كان، كما أنّ الأحوط أن لا تستر بعض وجهها
أيضاً، نعم يجوز لها أن تغطّي وجهها حال النوم، ولا
بأس بستر بعض وجهها مقدّمة لستر الرأس في الصلاة،
والأحوط رفعه عند الفراغ منها.مسألة 267:
للمرأة المحرمة أن تتحجّب مـن الأجنبي بأن تنزل ما
على رأسها من الخمار أو نحوه إلى ما يحاذي أنفها أو
ذقنها، والأحوط أن تجعل القسم النازل بعيداً عن
الوجه بواسطة اليد أو غيرها.مسألة 268:
كفّارة ستر الوجه شاة على الأحوط.
21 ـ التظليل للرجال:
مسألة 269:لا يجوز للرجل المحرم التظليل حال مسيره بمظلّة أو
غيرها ولو كان بسقف المحمل أو السيارة أو الطائرة
ونحوها، ولا بأس بالسير في ظلّ جبل أو جدار أو شجر
ونحو ذلك من الأجسام الثابتة، كما لا بأس بالسير
تحت السحابة المانعة من شروق الشمس، ولا فرق في
حرمة التظليل بين الراكب والراجل على الأحوط،
والأحوط حرمة التظليل بما لا يكون فوق رأس المحرم،
بأن يكون ما يتظلّل به على أحد جوانبه.نعم يجوز للمحرم أن يتستّر من الشمس
بيديه، ولا بأس بالاستظلال بظلّ المحمل حال
المسير، وكذلك لا بأس بالإحرام في القسم المسقوف من
مسجد الشجرة.مسألة 270:
المراد من الاستظلال التستر من الشمس أو البرد أو
الحرّ أو المطر أو الريح ونحو ذلك، فإذا لم يكن شيء
من ذلك بحيث كان وجود المظلّة كعدمها فلا بأس بها،
ولا فرق بيما ذكر بين الليل والنهار، على الأحوط.مسألة 271:
لا بأس بالتظليل في المكان الذي نزل فيه كما إذا نزل
في الطريق للجلوس أو لملاقاة الأصدقاء أو لغير ذلك،
ولكن الأحوط ترك الاستظلال بالمظلّة أو ركوب
السيّارة المسقّفة حال تردّده في شوارع مكّة
ونحوها.مسألة 272:
لا بأس بالتظليل للنساء والأطفال، كذلك للرجال عند
الضرورة والخوف من الحرّ أو البرد.مسألة 273:
كفّارة التظليل شاة، ولا فرق في ذلك بين حالتي
الاختيار والاضطرار، وإذا تكرّر التظليل فالأحوط
التكفير عن كلّ يوم، وإن كان الأظهر كفاية كفّارة
واحدة في كلّ إحرام.
22 ـ إخراج الدم من البدن:
لا يجوز للمحرم إخراج الدم من جسدهبالمباشرة والتسبيب بحكّ أو حجامة ونحوهما، إلا مع
الضرورة أو دفع الأذى، وكفّارته شاة على الأحوط،
وأمّا السواك فلا بأس به حتّى مع العلم بخروج الدم
ولا كفّارة فيه.
23 ـ التقليم:
لا يجوز للمحرم تقليم ظفره ولو بعضهإلا أن يتضرّر المحرم ببقائه، كما إذا انفصل بعض
ظفره وتألّم من بقاء الباقي فيجوز له حينئذ قطعه،
ويكفّر عن كلّ ظفر بقبضة من الطعام.مسألة 274:
كفّارة تقليم كلّ ظفر مدّ من الطعام، وكفّارة تقليم
أظافير اليد جميعها في مجلس واحدة شاة، وكذلك
الرجل، وإذا كان تقليم أظافير اليد وأظافير الرجل
في مجلس واحد فالكفّارة أيضاً شاة وإذا كان تقليم
أظافير اليد في مجلس وتقليم أظافير الرجل في مجلس
آخر فالكفّارة شاتان.مسألة 275:
إذا قلّم المحرم أظافيره فأدمى اعتماداً على فتوى
من جوّزه وجبت الكفّارة على المفتي على الأحوط.
24 ـ قلع الضرس:
مسألة 276:ذهب جمع من الفقهاء إلى حرمة قلع الضرس على المحرم
وإن لم يخرج به الدم، وأوجبوا له كفّارة شاة، ولكن
لا يبعد جوازه.
25 ـ حمل السلاح:
مسالة 277:لا يجوز للمحرم حمل السلاح كالسيف والرمح وغيرهما
مما يصدق عليه السلاح عرفاً، وذهب بعض الفقهاء إلى
عموم الحكم لآلات التحفّظ أيضاً كالدرع والمغفر،
وهذا القول أحوطمسألة 278:
لا بأس بوجود السلاح عند المحرم إذا لم يكن حاملاً
له، ومع ذلك فالترك أحوط.مسألة 279:
تختصّ حرمة حمل السلاح بحال الاختيار، ولا بأس به
عند الاضطرار.مسألة 280:
كفّارة حمل السلاح شاة على الأحوط.إلى هنا انتهت الأمور التي تحرم على
المحرم.الصيد في الحرم وقلع شجره ونبتهوهناك ما تعمّ حرمته المحرم والمحلّ
وهو أمران:أحدهما: الصيد في الحرم، فإنّه يحرم
على المحلّ والمحرم كما تقدّم.ثانيهما: قلع كلّ شيء نبت في الحرم،
أو قطعه من شجر وغيره، ولا بأس بما يقطع عند المشي
على النحو المتعارف، كما لا بأس بأن تترك الدواب في
الحرم لتأكل من حشيشه.ويستثنى من حرمة القلع أو القطع
موارد:1 ـ الأذخر وهو نبت معروف.2 ـ النخل وشجر الفاكهة.3 ـ الأعشاب التي تجعل علوفة للإبل.4 ـ الأشجار أو الأعشاب التي تنمو في
دار نفس الشخص أو في ملكه أو يكون الشخص هو الذي غرس
ذلك الشجر أو زرع العشب، وأمّا الشجرة التي كانت
موجودة في الدار قبل تملّكها فحكمها حكم سائر
الأشجار.مسألة 281:
الشجرة التي يكون أصلها في الحرم وفرعها في خارجه
أو بالعكس حكمها حكم الشجرة التي يكون جميعها في
الحرم.مسألة 282:
كفّارة قلع الشجرة قيمة تلك الشجرة، وفي القطع منها
قيمة المقطوع، ولا كفّارة في قلع الأعشاب وقطعها.