قال الجبل : بلى ، أشهد لك يا محمد بذلك ، و أشهد أنك لو اقترحت على ربك أن يجعل رجال الدنيا قردة و خنازير لفعل ، أو يجعلهم ملائكة لفعل ، و أن يقلب النيران جليدا ، و الجليد نيرانا لفعل ، أو يهبط السماء إلى الارض ، أو يرفع الارض إلى السماء لفعل ، أو يصير أطراف المشارق و المغارب و الوهاد كلها صرة كصرة الكيس لفعل و أنه قد جعل الارض و السماء طوعك ، و الجبال و البحار تنصرف بأمرك ، و سائر ما خلق الله من الرياح و الصواعق و جوارح الانسان و أعضاء الحيوان لك مطيعة ، و ما أمرتها [ به ] من شيء ائتمرت .
فقال اليهود : يا محمد أ علينا تلبس و تشبه ؟ ! قد أجلست مردة من أصحابك خلف صخور هذا الجبل ، فهم ينطقون بهذا الكلام ، و نحن لا ندري ( 1 ) أ نسمع من الرجال أم من الجبل ! ؟ لا يغتر بمثل هذا إلا ضعفاؤك الذين تبحبح (2 ) في عقولهم ، فان كنت صادقا فتنح عن موضعك هذا إلى ذلك القرار ، و امر هذا الجبل أن ينقلع من أصله ، فيسير إليك إلى هناك ، فإذا حضرك - و نحن نشاهده - .
فأمره أن ينقطع نصفين من ارتفاع سمكه ، ثم ترتفع السفلى من قطعتيه فوق العليا و تنخفض العليا تحت السفلى ، فإذا أصل الجبل قلته و قلته أصله ، لنعلم أنه من الله لا يتفق بمواطأة ، و لا بمعاونة مموهين متمردين .
فقال رسول الله صلى الله عليه و آله - و أشار إلى حجر فيه قدر خمسة أرطال - : يا أيها الحجر تدحرج .
فتدحرج ، ثم قال لمخاطبه : خذه و قربه من اذنك ، فسيعيد عليك ما سمعت فان هذا جزء من ذلك الجبل .
فأخذه الرجل ، فأدناه إلى اذنه ، فنطق به الحجر بمثل ما نطق به الجبل أولا من
1 - " و لا تعرف أنحن " ط . 2 ) " قال المجلسي ( ره ) : أى تتمكن و تستقر في عقولهم ، من قولهم : بحبح في المكان أى تمكن فيه ، و فى بعض النسخ بالنونين و الجيمين من قولهم : تنجنج : إذا تحرك و تجبره