فحمل معه وقر ( 1 ) مال لينفعه في ذلك ، فلما انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاما ضعيفا مسكينا ليس له قوة و لا منعة ، فأخذه صاحبنا ليقتله ، فدفع عنه جبرئيل و قال لصاحبنا : إن كان ربكم هو الذي أمره بهلاككم ، فان الله لا يسلطك عليه ، و إن لم يكن هذا فعلى أي شيء تقتله ؟ فصدقه صاحبنا ، و تركه و رجع إلينا فأخبرنا بذلك ، و قوي " بخت نصر " و ملك و غزانا و خرب بيت المقدس ، فلهذا نتخذه عدوا ، و ميكائيل عدو لجبرئيل .
فقال سلمان : يا ابن صوريا بهذا العقل المسلوك به سبيله ضللتم ، أ رأيتم أوائلكم كيف بعثوا من يقتل " بخت نصر " و قد أخبر الله تعالى في كتبه على السنة رسله أنه يملك و يخرب بيت المقدس ؟ و أرادوا تكذيب أنبياء الله في أخبارهم و اتهموهم [ في أخبارهم ] أو صدقوهم في الخبر عن الله ، و مع ذلك أرادوا مغالبة الله ، هل كان هؤلاء و من وجهوه إلا كفارا بالله ؟ وأي عداوة يجوز أن يعتقد لجبرئيل و هو يصد عن مغالبة الله عز و جل ، و ينهى عن تكذيب خبر الله تعالى ؟ فقال ابن صوريا : قد كان الله تعالى أخبر بذلك على ألسن أنبيائه ، و لكنه
تبلغ ستمأة سنة تقريبا . و أيضا تشابه أحداث و وقائع غزو بختنصر لبني إسرائيل . أضف إلى ذلك ثالثا : وجود ملكين بإسم بختنصر : الاول : بختنر الاكبر الذي غزا بني إسرائيل و قتلهم عند قتلهم نبيهم شعيا في عهد أرميا الذي كان معاصرا لدانيال . الثاني : بختنصر بن ملتنصر بن بختنصر الاكبر ، حيث قام في السنة الثالثة عشرة من ملكه بغزو بني إسرائيل في بيت المقدس و قتل منهم سبعين ألفا على دم يحيى بن زكريا ، كما صرح بذلك المسعودي في إثبات الوصية : 84 ، و قد ذكروا أن بين عهد ارميا و قتل يحيى أربعمائة واحدى و ستون سنة . 1 ) الوقر - بالكسر - : الحمل الثقيل .