ويلك يا أبا جهل - عليك اللعنة - إن محمدا صلى الله عليه و آله قد استأذنه في طريقه السماء و الارض و البحار و الجبال في إهلاككم فأبى إلا أن يرفق بكم ، و يداريكم ؟ ؟ ليؤمن من في علم الله أنه يؤمن منكم ، و يخرج مؤمنون من أصلاب و أرحام كافرين و كافرات أحب الله تعالى أن لا يقطعهم عن كرامته باصطلامهم ( 1 ) .
و لو لا ذلك لاهلككم ربكم ، إن الله هو الغنى ، و أنتم الفقراء ، لا يدعوكم إلى طاعته و أنتم مضطرون ، بل مكنكم مما كلفكم فقطع معاذيركم .
فغضب أبو البختري بن هشام فقصده بسيفه ، فرأى الجبال قد أقبلت لتقع عليه و الارض قد انشقت لتخسف به ، ورأى أمواج البحار نحوه مقبلة لتغرقه في البحر ورأى السماء انحطت لتقع عليه ، فسقط سيفه و خر مغشيا عليه و احتمل ، و يقول أبو جهل : دير به (2 ) لصفراء هاجت به .
يريد أن يلبس على من معه أمره .
فلما التقي رسول الله صلى الله عليه و آله مع علي عليه السلام قال : يا علي إن الله رفع صوتك في مخاطبتك أبا جهل إلى العلو ، و بلغه إلى الجنان ، فقال من فيها من الخزان و الحور الحسان : من هذا المتعصب لمحمد إذ قد كذبوه و هجروه ؟ قيل لهم : هذا النائب عنه ، و البائت على فراشه يجعل نفسه لنفسه وقاءا ، و روحه لروحه فداءا .
فقال الخزان و الحور الحسان : يا ربنا فاجعلنا خزانه .
و قالت الحور : فاجعلنا نساءه .
فقال الله تعالى لهم : أنتم له ، و لمن يختاره هو من أوليائه و محبيه يقسمكم عليهم - بأمر الله - على من هو أعلم به من الصلاح ، أرضيتم ؟ قالوا : بلى ربنا و سيدنا .
( 3 )
1 ) أى باستئصالهم . " باصطلامكم " ب ، ط . 2 ) أى أخذه الدوار ، و هو دوران يأخذ بالرأس ، تعرفه العامة بالدوخة . 3 ) عنه البحار : 9 / 329 ذ ح 16 ( قطعة ) ، وج 19 / 80 ح 34 ، و مدينة المعاجز : 75 ح 188 و إثبات الهداة : 4 / 596 ح 291 ( قطعة ) .