فلما صار بين رسول الله صلى الله عليه و آله و بين " اكيدر " مرحلة قال : تلك العشية : يا زبير بن العوام ، يا سماك بن خرشة ( 1 ) أمضيا في عشرين (2 ) من المسلمين إلى باب قصر " اكيدر " فخذاه ، و أتياني به .
فقال الزبير : يا رسول الله و كيف نأتيك به و معه من الجيوش الذي قد علمت ، و معه في قصره سوى حشمه ألف و مائتان عبد و أمة و خادم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : تحتالان عليه فتأخذانه ، قال : يا رسول الله و كيف [ نأخذه ] و هذه ليلة قمراء ، و طريقنا أرض ملساء ، و نحن في الصحراء لا نخفى ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : أ تحبان أن يستركما الله من عيونهم ، و لا يجعل لكما ظلا إذا سرتما ، و يجعل لكما نورا كنور القمر لا تتبينان منه ؟ قالا : بلى .
قال : عليكما بالصلاة على محمد و آله الطيبين معتقدين أن أفضل آله علي بن أبي طالب عليه اسلام ، و تعتقد أنت يا زبير خاصة أنه لا يكون علي في قوم إلا كان هو أحق بالولاية عليهم ، ليس لاحد أن يتقدمه ، فإذا أنتما فعلتما ذلك و بلغتما الظل الذي بين يدي قصره من حائط قصره فأن الله تعالى سيبعث الغزلان ، و الاوعال ( 3 ) إلى بابه فتحتك ( 4 ) قرونها به فيقول : من لمحمد في مثل هذا ؟ و يركب فرسه لينزل فيصطاد .
فتقول إمرأته : إياك و الخروج فان محمدا قد أناخ بفنائك و ليست تأمن أن يكون قد احتال ، و دس عليك من يقع بك .
فيقول لها : إليك عني ، فلو كان أحد انفصل
1 ) هو سماك بن خرشة بن لوذان بن عبدود الساعدي ، و قيل : سماك بن أوس بن خرشة عرف و اشتهر بأبي دجانة الانصاري . " سماك بن حارث " أ . و هو تصحيف . أنظر سير إعلام النبلاء : 1 / 243 رقم 39 ، و أسد الغابة : 2 / 352 وج 5 / 184 . 2 ) أقول : لم يصرح بذكر أسمائهم ، و الظاهر أن خالد بن الوليد أحدهم كما ترى ذلك في كتب التاريخ . 3 ) جمع و عل : و هو تيس الجبل . 4 ) " فتحك " ص ، و البحار .