قال الله تعالى : يا محمد قل لهم : وأي شيء أنكرتم من ذلك ؟ هو عزيز ( 1 ) حكيم كريم ، ارتضى عبادا من عباده ، و اختصهم بكرامات لما علم من حسن طاعاتهم ، و انقيادهم لامره ، ففوض إليهم امور عباده ، و جعل إليهم سياسة خلقه بالتدبير الحكيم الذي وفقهم له .
أولا ترون ملوك الارض إذا ارتضى أحدهم خدمة بعض عبيده ، و وثق بحسن اضطلاعه (2 ) بما يندب له ( 3 ) من امور ممالكه ، جعل ماوراء بابه إليه ، و اعتمد في سياسة جيوشه و رعاياه عليه .
كذلك محمد في التدبير الذي رفعه له ربه ، و علي من بعده الذي جعله وصيه و خليفته في أهله ، و قاضي دينه ، و منجز عداته ، و المؤازر لاوليائه ، و المناصب ( 4 ) لاعدائه فلم يقنعوا بذلك ، و لم يسلموا و قالوا : ليس الذي يسنده إلى ابن أبي طالب عليه السلام بأمر صغير ، إنما هو دماء الخلق ، و نساؤهم ، و أولادهم ، و أموالهم ، و حقوقهم [ و أنسابهم ] و دنياهم و آخرتهم ، فليأتنا بآية تليق بجلالة هذه الولاية .
[ احتجاجات رسول الله صلى الله عليه و آله لولاية علي عليه السلام : ] فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : أما كفاكم نور علي المشرق في الظلمات الذي رأيتموه ليلة خروجه من عند رسول الله إلى منزله ؟ أما كفاكم أن عليا جاز و الحيطان بين يديه ، ففتحت له و طرقت ( 5 ) ، ثم عادت
1 " عظيم " ب ، ط ، و البحار . 2 ) " اصطناعه " أ ، ط . " اطاعته " البحار . يقال : اضطلع بحمله : نهض به و قوى عليه . 3 ) ندب فلانا للامر : دعاه و رشحه للقيام به ، و حثه عليه . ناصبه مناصبة : عاداه و قاومه . " المصائب " أ ، س ، ص . 5 ) طرق - بتشديد الراء - له : جعل له طريقا .