[ عبادة على عليه السلام : ] 44 - و لقد أصبح رسول الله صلى الله عليه و آله يوما و قد غص مجلسه بأهله ، فقال : أيكم أنفق اليوم من ماله ابتغاء وجه الله تعالى ؟ فسكتوا .
فقال على صلوات الله عليه : أنا خرجت و معي دينار أريد أن أشتري به دقيقا ، فرأيت المقداد بن الاسود ، و تبينت في وجهه أثر الجوع ، فناولته الدينار .
فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : وجبت ( 1 ) ثم قام [ رجل ] آخر فقال : يا رسول الله قد أنفقت اليوم أكثر مما أنفق علي جهزت رجلا و إمرأة يريدان طريقا و لا نفقة لهما ، فأعطيتهما ألفي (2 ) درهم .
فسكت رسول الله صلى الله عليه و آله .
فقالوا : يا رسول الله مالك قلت لعلي : " وجبت " ، و لم تقل لهذا و هو أكثر صدقة ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : أما رأيتم ملكا يهدي خادم [ - ه ] إليه هدية خفيفة ، فيحسن موقعها عنده ، و يرفع محل صاحبها ، و يحمل إليه من عند ( 3 ) خادم آخر هدية عظيمة فيردها ، و يستخف بباعثها ؟ قالوا : بلى .
قال : فكذلك صاحبكم علي دفع دينارا منقادا لله سادا خلة فقير مؤمن ، و صاحبكم الآخر أعطى ما أعطى ( نظيرا له ، معاندة علي أخي ) ( 4 ) رسول الله ، يريد به العلو على علي بن أبي طالب عليه السلام ، فأحبط الله تعالى عمله ، و صيره وبالا عليه .
أما لو تصدق بهذه النية من الثرى إلى العرش ذهبا و [ و فضة ] و لؤلؤا لم يزدد ( 5 ) بذلك من رحمة الله تعالى إلا بعدا ، و إلى سخط الله تعالى إلا قربا ، و فيه ولوجا و اقتحاما .
( 6 )
1 - أى فعلت فعلا وجبت لك به الجنة . و قال المجلسي - رحمه الله - أى لك الرحمة و الجنة . 2 ) " ألف " البحار . 3 ) " عنده " أ . 4 ) " معاندة لاخي " البحار . 5 ) " يجد " أ . 6 ) عنه البحار : 41 / 18 صدر ح 12 .