[ و أما ما حكي عن العلمين ( الشيخ الرئيس ، و المحقق الطوسي ) من مصيرهما إلى أن الدلالة تتبع الارادة ، فليس ناظرا إلى كون الالفاظ موضوعة للمعاني بما هي مرادة ، كما توهمه بعض الافاضل ، بل ناظرا إلى أن دلالة الالفاظ على معانيها بالدلالة التصديقية ، أي دلالتها على كونها مرادة للافظها تتبع إرادتها منها ، و يتفرع عليها تبعية مقام الاثبات للثبوت ، و تفرع الكشف على الواقع المكشوف ، فإنه لو لا الثبوت في الواقع ، لما كان للاثبات و الكشف و الدلالة مجال ، ]
و ما أشبه حكاية اللفظ عن المعنى و حكايته عن إرادة إفهامه بحكاية المرآة التي ينصبها زيد قدام عمرو عن وجه عمرو و عن إرادة زيد رؤية عمرو وجهه في المرآة ، فإن الاولى حكاية الفاني عن المفني فيه ، و الثانية حكاية المعلول عن علته ، غاية الامر أن الفناء في المرآة طبيعي ، و في اللفظ وضعي ، و توهم أخذ الارادة في معاني الالفاظ يشبه توهم أن المرآة كما تحكي عن الصورة تحكي عن إرادة زيد الذي نصب المرآة قدام عمرو أيضا .
و مما يرشد إلى فساد هذا التوهم أيضا أنه يلزم أن يكون لكل لفظ معنيان : أحدهما معنى خبري و لو في المفردات ، و بطلان ذلك غني عن البيان .
قوله : بل ناظر إلى أن دلالة الالفاظ على معانيها بالدلالة التصديقية ( اي دلالتها على كونها مرادة للافظها ) تتبع إرادتها منها و تتفرع عليها .الخ .
أقول : الدلالة التصديقية بالمعني الذي أفاده هي ما ذكرناها في الحاشية السابقة ، و أنها من باب دلالة المعلول على العلة ، و هي في الالفاظ حتى المفردات ، و تبعيتها للارادة بالنحو الذي أفاده من الواضحات التي لا تحتاج إلى البيان ، و لا يترتب عليه فائدة علمية ، إذ حاصله أن العلم الحاصل من اللفظ بالارادة إذا كان مطابقا للواقع كان تابعا لوجود الارادة ، و الصواب أن مرادهما بالدلالة هي