[ و لذا لا بد من إحراز كون المتكلم بصدد الافادة في إثبات إرادة ما هو ظاهر كلامه و دلالته على الارادة ، و إلا لما كانت لكلامه هذه الدلالة ، و إن كانت له الدلالة التصورية ، أي كون سماعه موجبا لاخطار معناه الموضوع له ، و لو كان من وراء الجدار ، أو من لافظ بلا شعور و لا اختيار .
إن قلت : على هذا ، يلزم أن لا يكون هناك دلالة عند الخطأ ، و القطع بما ليس بمراد ، أو الاعتقاد بإرادة شيء ، و لم يكن له من اللفظ مراد .
قلت : نعم لا يكون حينئذ دلالة ، بل يكون هناك جهالة و ضلالة ، يحسبها الجاهل دلالة ، و لعمري ما أفاده العلمان من التبعية - على ما بيناه - ]
الدلالة التصديقية الثابتة للقضايا الصادرة من المتكلمين على ثبوت النسبة في الواقع ، و هو نفس معناها ، و دلالتها عليه في المقصودة لواضعها ، كما ذكرنا سابقا في أقسام عمل اللفظ في المعنى ، و هذه الدلالة التصديقية تابعة لارادة المتكلم إفهام المعنى بتبعية العلم بالنتيجة للمقدمات في الاقيسة .
توضيحه أن دلالة بعض الالفاظ على معانيها تصورية ، و دلالة بعضها عليها تصديقية ، فما يكون دلالته تصورية تحصل دلالته بمجرد سماعه و لو من العاقل ، و ما يكون تصديقية كالهئية الدالة على النسبة الاتحادية في الجمل الخبرية و شبهها لا تحصل الا بضميمة مقدمات : منها كون المتكلم بصدد الافهام اي مريدا له ، و منها كونه عالما لما يفهمه ، و منها كون علمه مطابقا للواقع فإذا حصلت تلك المقدمات حصل التصديق من الكلام بالنسبة التي يحكيها ، فهذه الدلالة التصديقية تابعة للارادة لكونها من جملة مقدماتها .
قوله : و لذا لابد من إحراز كون المتكلم بصدد الافادة .الخ .
كونه بصدد الافادة عين الارادة ، فيتحد النتيجة مع المقدمة .