شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمى المغربي المتوفى سنة 363 ه . ق الجزء السابع
. .
بسم الله الرحمن الرحيم [ من فضائل أمير المؤمنين ] و مما جاء من مناقب علي صلوات الله عليه و فضائله و سوابقه . [ 517 ] الدغشي ، باسناده ، عن عبد الله بن رقيم الكناني ، قال : قدمت المدينة ، فلقيت سعد بن أبي وقاص ، فقال لي : من أين أقبلت ؟ قلت : من العراق . قال : كيف تركت عليا عليه السلام ؟ قلت : صالحا . قال : فهل سمعته ذكرني بشيء ؟ قلت : لا . قال : إنه لرجل لا أزال أحبه بعد ثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه و آله ، سمعته يقول لعلي عليه السلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إنه لا نبي بعدي . و أمر رسول الله صلى الله عليه و آله بسد الابواب التي كانت تشرع إلى مسجده ، و ترك باب علي عليه السلام . فقال بعض أعمامه : يا رسول الله ، سددت بأبي ، و تركت باب هذا الغلام - يعني عليا عليه السلام - ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و آله : ما أنا سددت أبوابكم
و تركت بابه ، و لكن الله فعل ذلك ، و أمرني به ، فامتثلت أمره . و بعث رسول الله صلى الله عليه و آله أبا بكر ببراة إلى أهل مكة ، فلما سار بها بعث عليا عليه السلام في أثره ، و أمره بأخذها منه ، و يؤدي عنه إلى أهل مكة . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أنزل في شيء ؟ قال : لا ، إلا أنه نزل علي ألا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني ، و علي مني . [ 518 ] و بآخر ، عن جميع بن عمير التميمي ( 1 ) ، قال : صليت في مسجد النبي صلى الله عليه و آله فرأيت عبد الله بن عمر جالسا ، فأتيته ، فسلمت عليه ، و جلست اليه ، و قلت : حدثني عن علي عليه السلام . فقال : هذا منزل علي و هذا منزل رسول الله صلى الله عليه و آله ، و إن شئت حدثتك عنه . قلت : نعم حدثني عنه . قال : آخى رسول الله صلى الله عليه و آله بين أصحابه ، و ترك عليا عليه السلام : فقال له : يا رسول الله آخيت بين . المهاجرين و تركتني ، فمن أخي ؟ قال : أما ترضى يا علي أن تكون أخي ؟ قال : بلى ، يا رسول الله . قال : فأنت أخي في الدنيا و الآخرة . و قال رسول الله صلى الله عليه و آله - يوم خيبر - : لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله ، و يحبه الله و رسوله ، فما منا أحد إلا رجا
1 - و في تهذيب التهذيب 2 / 111 : جميع بن عمير بن عفاف التيمي الكوفي .
أن يكون صاحبها . فلما أصبح ، قال : أين علي ؟ قالوا : أرمد . قال ادعوه لي . فدعي له ، فلما جاء تفل في عينه و أعطاه الراية ، و تقدم ، و سرنا معه فما تتام آخرنا حتى فتح الله به على أولنا . قال : و بعث رسول الله صلى الله عليه و آله أبا بكر ببراة ، فلما أتى ذا الحليفة ( 1 ) أرسل عليا عليه السلام فأخذها منه . فقال أبو بكر لعلي عليه السلام : أنزل في شيء ؟ قال : لا ، إلا أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي . قال : فرجع أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه و آله ، فقال : يا رسول الله ، أنزل في شيء ؟ قال : لا ، و لكن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي . [ 519 ] و بآخر ، عن علي صلوات الله عليه ، أنه قال : لما أمرني رسول الله صلى الله عليه و آله بأن ألحق أبا بكر ، فآخذ منه برأة ، و أمضي بها في أهل مكة ، فأقرأها عليهم ، و أودي عنه إليهم . قلت : يا رسول الله ، إني لست بالخطيب ( 2 ) ، و أنا رجل حدث ( 3 ) السن . قال : لا بد من أن تذهب بها ، أو أهذب بها أنا . قلت : أما إذا كان ذلك ، فأنا أذهب بها يا رسول الله .
1 - احدى المواقيت التي يحرم الحجاج منها . 2 - و في مسند أحمد : 1 / 150 : و لا بالخطب . 3 - هكذا في نسخة - ج - و في نسخة الاصل : حديث السن .
قال : اذهب فسوف يثبت الله لسانك و يهدي قلبك ( 1 ) . [ 520 ] و بآخر ، عن أبي حازم ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه و آله ، فقال : أيها الناس سدوا أبوابكم عن المسجد ، فكان الناس توقفوا . ثم خرج الثانية ، فقال ذلك ، فتوقفوا . قال ابن عباس : فخرج رسول الله صلى الله عليه و آله الثالثة ، فقال : أيها الناس سدوا أبوابكم باب علي قبل أن ينزل العذاب ، فسدوا أبوابهم باب علي . فقال بعض الناس : إنما ترك باب علي لقرابته . و قال بعضهم : لو كان ذلك للقرابة لكان حمزة أقرب اليه منه ، هو عمه ، و أخوه من الرضاعة ، و لكن من أجل ابنته فاطمة . فلما كثر خوضهم في ذلك ، خرج إليهم رسول الله صلى الله عليه و آله ، فقال : أيها الناس إنما أنا بشر ، و الله ما أنا أصنع إلا بما أمرت به ، و ما أعلم إلا بما علمت ، و قد تعلمون أني نزلت قبا ( 2 ) ، فاتخذت بها مسجدا و مسكنا ، و ما أردت التحويل ، فخرجت بي النافة ، و استقبلتني الانصار ، فقلت : دعوها فإنها مأمورة ، فبركت حيث بنيت المسجد ، و إن الله أوحى إلى موسى عليه السلام أن اتخذ مسجدا طهرا تسكنه أنت و هارون و أبناء هارون ، و ان الله قد أمرني أن اتخذ مسجدا طهرا أسكنه أنا و علي و أبناء علي ، و الله ما أنا سددت ، و لا أنا فتحت ( 3 ) .
1 - و أضاف في الفضائل ص 323 : ثم وضع يده على فمه . 2 - محلة من محلات المدينة المنورة . 3 - قال علي بن عبد الله السمهودي في كتابه خلاصة ألوفا باخبار دار المصطفى ص 252 بعد <>
[ 521 ] عن ام سلمة ، أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و آله : لا يحل هذا المسجد لجنب و لا لحائض إلا لرسول الله صلى الله عليه و آله و أزواجه و علي و فاطمة بنت محمد ، ألا إني قد بينت لكم لئلا تضلوا ( 1 ) [ مرتين ] ( 2 ) . [ 522 ] عن عبد الله بن عمر ، أنه قال : لقد اعطي علي بن أبي طالب عليه السلام ثلاث مناقب لئن تكون ( 3 ) لي إحداهن أحب الي من حمر النعم ، زوجه رسول الله صلى الله عليه و آله فاطمة عليها السلام . فولدت له السبطين الحسن و الحسين عليهما السلام . و أعطاه الراية يوم خيبر بعد أن قال : لاعطينها رجلا يحب الله و رسوله ، و يحبه الله و رسوله . و سد أبواب الناس كلهم عن المسجد ( 4 ) بابه . [ 523 ] و بآخر ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و آله مصدقا إلى قوم ، فعدوا عليه فقتلوه ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه و آله إليهم عليا عليه السلام فقتل المقاتلة و سبى الذرية ، و انصرف
1 - ذكر عدة روايات بان حديث سد الباب في أبي بكر و انه صلى الله عليه و آله أمر بسد الابواب إلا باب أبي بكر ، ثم قال : قال الحافظ ابن حجر : و في أحاديث سد الابواب ما يخالف ظاهره ما سبق كحديث سعد بن أبي وقاص : أمر رسول الله صلى الله عليه و آله بسد الابواب الشارعة في المسجد و ترك باب علي أخرجه أحمد و النسائي و سنده قوي . زاد الطبراني في الاوسط و رجاله ثقات ، فقالوا : يا رسول الله سددت أبوابنا . فقال : ما أنا سددتها ، و لكن الله سدها . و في رواية : أمر بسد أبواب المسجد باب علي فكان يدخل المسجد و هو جنب ليس له طريق غيره . أخرجها أحمد و النسائي و رجالهما ثقات . ( 1 ) و في تاريخ دمشق 1 / 271 : الاهل بينت لكم ، ألاساء أن تضلوا . 2 - الزيادة من المناقب لا بن شهر اشوب 2 / 194 . 3 - و في نسخة - ج - : لا أن تكون . 4 - هكذا صححناه و في جميع النسخ : عن المسجد الحرام .