ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم فيهتدوا و لم يلجأوا إلى ركن وثيق فينجوا . يا كميل العلم خير من المال . العلم يحرسك و أنت تحرس المال ، و المال تفنيه النفقة ( 1 ) و العلم يزكو على الانفاق . العلم حاكم و المال محكوم عليه . يا كميل بن زياد محبة العالم دين يدان به ( 2 ) به يكسب الانسان الطاعة في حياته و جميل الاحدوثة بعد وفاته . و منفعة المال تزول بزواله . مات خزان الاموال و هم أحياء و العلماء باقون ما بقي الدهر . أعيانهم مفقودة و أمثلتهم في القلوب موجودة . ها ، إن ههنا لعلما جما - و أشار إلى صدره - لم أصب له خزنة ( 3 ) بلى أصيب لقنا مأمون ، مستعملا آلة الدين في طلب الدنيا ، يستظهر بحجج الله على أوليائه و بنعمة الله على معاصيه أو منقادا لحملة الحق ( 4 ) لا بصيرة له في أحنائه ، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة ، أللهم لا ذا و لا ذاك ، أو منهوما باللذة ( 5 ) سلس القياد للشهوة ، أو مغرما بالجمع و الادخار ليسا من رعاة الدين و لا من ذوي البصائر و اليقين . أقرب شبها بهما الانعام السائمة ( 6 ) كذلك يموت العلم بموت حملته . أللهم بلى ، لا يخلو الارض من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا ( 7 )
1 - في النهج [ تنقصه النفقة ] . 2 - في النهج [ العلم دين يدان به ، به يكتسب الانسان الطاعة في حياته ] . و ذلك لان العلم أشبه شيء بالدين ، فالعالم في قومه كالنبي في أمته ، يوجب على المتدينين طاعة صاحبه في حياته و الثناء عليه بعد وفاته . و الاحدوثة - بالضم - ما يتحدث به . 3 - أى لم أجد له خازنين . و اللقن - بفتح فكسر - : سريع الفهم . 4 - " منقادا " معطوف على " لقنا " . و الاحناء : جمع حنو : طرف الشيء و جانبه . و المراد جوانب الحق و خفاياه و دقائقه . 5 - المنهوم : المفرط في شهوة الطعام . و السلس : السهل . و القياد : حبل يقاد به . و المغرم - بفتح الراء - : المولع به . 6 - السائمة : الانعام و المواشى الراعية . 7 - المغمور : المقهور ، المستور ، المجهول ، الخامل الذكر . و فى بعض النسخ [ إما ظاهرا مكشوفا أو خائفا مفردا ] .