كلامه عليه السلام لكميل بن زياد
فذلك النفاق و دعائمه و شعبه ، و الله قاهر فوق عباده تعالى ذكره ، و استوت به مرته ( 1 ) ، و اشتدت قوته ، و فاضت بركته ، و استضاءت حكمته ، و فلجت حجته ( 2 ) . و خلص دينه ، و حقت كلمته ، و سبقت حسناته ، وصفت نسبته ، و اقسطت موازينه ، و بلغت رسالاته ، و حضرت حفظته ، ثم جعل السيئة ذنبا و الذنب فتنة ، و الفتنة دنسا و جعل الحسني غنما ، و العتبى توبة ( 3 ) و التوبة طهورا ، فمن تاب اهتدى ، و من افتتن غوى ما لم يتب إلى الله و يعترف بذنبه و يصدق بالحسنى و لا يهلك على الله إلا هالك . فالله الله ما أوسع ما لديه من التوبة و الرحمة و البشرى و الحلم العظيم . و ما أنكر ما لديه من الانكال ( 4 ) و الجحيم و العزة و القدرة و البطش الشديد ، فمن ظفر بطاعة الله اختار كرامته . و من لم يزل في معصية الله ذاق وبيل نقمته . هنالك عقبى الدار . ( و من كلامه عليه السلام لكميل بن زياد ) بعد اشياء ذكرها ( 5 ) إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها . احفظ عني ما أقول لك : الناس ثلاثة : عالم رباني و متعلم على سبيل النجاة و همج رعاع ( 6 ) أتباع كل1 - قال الله تعالى في سورة النجم آية 6 : " ذو مرة فاستوى " أى ذو قوة و عقل و شدة . 2 - فلج : ظفر و فاز . 3 - الدنس : الوسخ . " غنما " - بضم الغين مصدر - أى فوزا . و العتبى : الرضا أى سببا له و في الكافى [ و جعل الحسني عتبى و العتبى التوبة ] . 4 - الانكال : جمع النكل - بالفتح - : القيد الشديد و فى الكافى [ و ما أنكل ما لديه من الانكال ] . و البطش : الاخذ بصولة وسطوة . و الوبيل : الوخيم . 5 - منقول في الخصال و فى النهج مع أدنى اختلاف و كميل كان من أكابر أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام من اليمن ، و جلالة هذا الرجل مما تحدث به المخدرات في حجالهن و اعترف به المؤالف و المخالف ، قال الذهبي : كميل بن زياد بن نهيك بن هيثم النخعي حدث عن على عليه السلام و غيره ، شهد صفين مع على ( ع ) و كان شريفا مطاعا ثقة عابدا على تشيعه قليل الحديث ، قتله الحجاج لعنه الله . 83 ه ( تنقيح المقال ) . 6 - الهمج : الذي لا خير فيه و الحمقى . و الرعاع - بالفتح - : سفلة الناس .