موعظته صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه وامته
عرضت له فتنة استعصم بالله ، و أمسك يده و لسانه ، و إذا رأى فضيلة انتهز بها ( 1 ) ، لا يفارقه الحياء و لا يبدو منه الحرص ، فتلك عشر خصال يعرف بها العاقل . وصفة الجاهل : أن يظلم من خالطه و يتعدى على من هو دونه ، و يتطاول على من هو فوقه ، كلامه بغير تدبر ، إن تكلم أثم ، و إن سكت سها و إن عرضت له فتنة سارع إليها فأردته ( 2 ) و إن رأى فضيلة أعرض و أبطأ عنها ، لا يخاف ذنوبه القديمة و لا يرتدع فيما بقي من عمره من الذنوب ، يتوانى عن البر و يبطئ عنه ، مكترث ( 3 ) لما فاته من ذلك أو ضيعه ، فتلك عشر خصال من صفة الجاهل الذي حرم العقل . ( موعظة ( 4 ) ) مالي أرى حب الدنيا قد غلب على كثير من الناس ، حتى كأن الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب ، وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرهم وجب ، و حتى كأن ما يسمعون من خبر الاموات قبلهم عندهم كسبيل قوم سفر عما قليل إليهم راجعون ( 5 ) تبوؤونهم أجداثهم ( 6 ) و تأكلون تراثهم و أنتم مخلدون بعدهم ، هيهات هيهات أما يتعظ آخرهم بأولهم ، لقد جهلوا و نسوا كل موعظة في كتاب الله و أمنوا شر كل عاقبة سوء و لم يخافوا نزول فادحة ( 7 ) و لا بوائق كل حادثة ( 8 ) .1 - الانتهاز : الاغتنام . 2 - فأردته اى فأهلكته ، أصله الردي بمعنى الهلاك و السقوط . 3 - اى لا يعبأ به و لا يباليه . يقال : اكترث للامر أى بالى به . 4 - في روضة الوافي ص 42 عن الكافى عن أبى عبد الله عليه السلام عن جابر يقول : إن رسول الله صلى الله عليه و آله مر بنا ذات يوم و نحن في نادينا و هو على ناقته و ذلك حين رجع من حجة الوداع فوقف علينا فسلم فرددنا عليه السلام ثم قال : مالى أرى حب الدنيا . ذكر الحديث . 5 - يعنى أنهم إذا سمعوا بموت فلان مثلا يظنون أنه قد سافر إلى مكان في الارض ، ثم يرجع إليهم ثانيا بعد مضى أيام . 6 - و فى بعض نسخ الحديث [ و بيوتهم ] . و الاجداث جمع الجدث و هو القبر . 7 - الفادحة : النازلة . و الفادح : الصعب المثقل . 8 - بوائق : جمع البائقة و هي الداهية و الشر .