موعظته عليه السلام شيعته ومواليه
موعظة و حضره ذات يوم جماعة من الشيعة فوعظهم و حذرهم و هم ساهون لاهون ، فأغاظه ذلك ، فأطرق مليا ، ثم رفع رأسه إليهم فقال : إن كلامي لو وقع طرف منه في قلب أحدكم لصار ميتا . ألا يا أشباحا بلا أرواح و ذباب بلا مصباح كأنكم خشب مسندة ( 1 ) و أصنام مريدة . ألا تأخذون الذهب من الحجر ، ألا تقتبسون الضياء من النور الازهر ، ألا تأخذون اللؤلؤ من البحر . خذوا الكلمة الطيبة ممن قالها و إن لم يعمل بها ، فإن الله يقول : " الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله ( 2 ) " ويحك يا مغرور ألا تحمد من تعطيه فانيا و يعطيك باقيا ، درهم يفنى بعشرة تبقي إلى سبعمأة ضعف مضاعفة من جواد كريم ، آتاك الله عند مكافأة ( 3 ) هو مطعمك و ساقيك و كاسيك و معافيك و كافيك و ساترك ممن يراعيك . من حفظك في ليلك و نهارك و أجابك عند اضطرارك و عزم لك على الرشد في اختبارك . كأنك قد نسيت ليالي أوجاعك و خوفك دعوته فاستجاب لك ، فاستوجب بجميل صنيعه الشكر ، فنسيته فيمن ذكر . و خالفته فيما أمر . ويلك إنما أنت لص من لصوص الذنوب ( 4 ) . كلما عرضت لك شهوة أو ارتكاب ذنب سارعت إليه و أقدمت بجهلك عليه ، فارتكبته كأنك لست بعين الله . أو كأن الله ليس لك بالمرصاد . يا طالب الجنة ما أطول نومك و أكل مطيتك و أوهى همتك ( 5 ) فلله أنت من طالب و مطلوب و يا هاربا من النار ما أحث مطيتك إليها و ما أكسبك1 - شبههم عليه السلام في عدم الانتفاع بهم بالخشب المسندة إلى الحائط و الاصنام المنحوتة من الخشب و إن كانت هياكلهم معجبة و ألسنتهم ذليقة . و فى بعض النسخ [ و اصنام مربذة ] . 2 - سورة الزمر آية 18 . 3 - إشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة آية 261 : " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة و الله يضاعف لمن يشاء و الله واسع عليم . 4 - اللص - بالكسر - : فعل الشيء في ستر - و منه قيل للسارق : لص . و جمعه لصوص . 5 - أو هى فلانا : أضعفه و جعله واهيا .