وصيته صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ بن جبل
وصيته صلى الله عليه و آله لمعاذ بن جبل ( 1 ) لما بعثه إلى اليمن يا معاذ علمهم كتاب الله و أحسن أدبهم على الاخلاق الصالحه ، و أنزل الناس منازلهم ( 2 ) - خيرهم و شرهم - و أنفذ فيهم أمر الله ، و لا تحاش في أمره ، و لا ماله أحدا ( 3 ) فإنها ليست بولايتك و لا مالك ، وأد إليهم الامانة في كل قليل و كثير ، و عليك بالرفق و العفو في ترك للحق ( 4 ) ، يقول الجاهل : قد تركت من حق الله ، و اعتذر إلى أهل عملك ( 5 ) من كل أمر خشيت أن يقع إليك منه عيب حتى يعذروك و أمت أمر الجاهلية إلا ما سنه الاسلام .1 - معاذ بن جبل بضم الميم أنصاري ، خزرجى يكنى أبا عبد الرحمن ، أسلم و هو ابن ثمان عشر سنة ، و شهد ليلة العقبة مع السبعين - من أهل يثرب ( المدينة ) - و شهد مع رسول الله صلى الله عليه و آله المشاهد ، و بعثه صلى الله عليه و آله إلى اليمن بعد غزوة تبوك ، في سنة العاشر ، و عاش إلى أن توفى في طاعون عمواس بناحية الاردن سنة ثمان عشر في خلافة عمر . و لما بعثه صلى الله عليه و آله إلى اليمن شيعه صلى الله عليه و آله و من كان معه من المهاجرين و الانصار - و معاذ راكب ، و رسول الله صلى الله عليه و آله يمشى إلى جنبه ، و يوصيه . فقال معاذ : يا رسول الله : أنا راكب و أنت تمشى ، ألا أنزل فأمشى معك و مع أصحابك ؟ فقال : يا معاذ إنما أحتسب خطاى هذه في سبيل الله . ثم أوصاه بوصايا - ذكرها الفريقين مشروحا و موجزا في كتبهم - ، ثم التفت صلى الله عليه و آله ، فاقبل بوجهه نحو المدينة ، فقال : إن أولى الناس بي المتقون من كانوا و حيث كانوا . 2 - يعنى أنزل الناس على قدرهم ، و شؤوناتهم من الخير و الشر . 3 - " لا تحاش " من حاشى فلانا من القوم أى استثناه . أى لا تكترث بما لا حد فتخرجه من عموم الحكم ، بل لا تستئن أحدا . 4 - في بعض النسخ [ من ترك للحق ] . 5 - في بعض النسخ [ و اعتذر إلى أهل علمك ] يعنى ان في كل أمر خشيت أن يسرع إليك عيب منه تقدم العذر قبل أن يعذروك .