كتابه عليه السلام إلى أهل الكوفة
الجزيل من ثوابه . عباد الله فلو كان ذلك قصر مرماكم و مدى مظعنكم ( 1 ) كان حسب العامل شغلا يستفرغ عليه أحزانه و يذهله عن دنياه و يكثر نصبه لطلب الخلاص منه ، فكيف و هو بعد ذلك مرتهن باكتسابه مستوقف على حسابه لا وزير له يمنعه و لا ظهير عنه يدفعه ، و يومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون . أوصيكم بتقوى الله فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب و يرزقه من حيث لا يحتسب فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم و يأمن العقوبة من ذنبه ، فإن الله تبارك و تعالى لا يخدع عن جنته و لا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله . ( كتابه عليه السلام ) ( إلى أهل الكوفة لما سار ورأى خذلانهم إياه ( 2 ) ) أما بعد فتبا لكم أيتها الجماعة و ترحا ، حين استصرختمونا ولهين فاصرخناكم موجفين ( 3 ) سللتم علينا سيفا كان في أيماننا و حششتم علينا نارا اقتدحناها على عدونا و عدوكم ، فأصبحتم إلبا لفا على أوليائكم و يدا لاعدائكم ، بغير عدل أفشوه فيكم1 - القصر : الجهد و الغاية . و المرمى : مصدر ميمى أو مكان الرمى و زمانه . و المدى : الغاية و المنتهى . و يذهل : ينسى و يسلو - من الذهول - : الذهاب عن الامر بدهشة . اى لو كانت الدنيا آخر أمركم و ليس وراءها شيء لجدير بأن الانسان يجد و يتعب و يسعى لطلب الخلاص من الموت و تبعاته و يشغل عن غيره . 2 - ذكر المؤرخون و أهل السير : لما أحاطوا بالحسين من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة فخرج حتى أتى الناس فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتى قال لهم : ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلى فتسمعوا قولى و إنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد فمن أطاعنى كان من المرشدين و من عصاني كان من المهلكين وكلكم عاص لامرى مستمع قولى فقد ملئت بطونكم من الحرام و طبع على قلوبكم ويلكم ألا تنصتون ، ألا تسمعون ! ! فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم و قالوا : أنصتوا له ، فقام الحسين عليه السلام ثم قال : تبا لكم - الخ - . و رواه السيد ابن طاووس في اللهوف و الطبرسي في الاحتجاج . 3 - تبا أى هلاكا و خسرانا . و الترح - بالتحريك - : ضد الفرح . و المستصرخ : المستغيث موجفين أى مسرعين .