حكمه عليه السلام ومواعظه
( و من حكمه عليه السلام ( 1 ) ) أيها الناس إنه من نصح لله و أخذ قوله دليلا هدي للتي هي أقوم و وفقه الله للرشاد و سدده للحسنى فإن جار الله آمن محفوظ وعدوه خائف مخذول فاحترسوا من الله بكثرة الذكر . و اخشوا الله بالتقوى و تقربوا إلى الله بالطاعة فإنه قريب مجيب ، قال الله تبارك و تعالى : " و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ( 2 ) " فاستجيبوا لله و آمنوا به فإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم ، فإن رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا و [ عز ] الذين يعرفون ما جلال الله أن يتذللوا [ له ] و سلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له و لا ينكروا أنفسهم بعد المعرفة و لا يضلوا بعد الهدى ( 3 ) و اعلموا علما يقينا أنكم لن تعرفوا التقي حتى تعرفوا صفة الهدى ( 4 ) و لن تمسكوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نبذه و لن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه . فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع و التكلف و رأيتم الفرية على الله و التحريف و رأيتم كيف يهوي من يهوي . و لا يجهلنكم الذين لا يعلمون . و التمسوا ذلك عند أهله ، فإنهم خاصة نور يستضاء بهم و أئمة يقتدى بهم ، بهم عيش العلم و موت الجهل و هم الذين أخبركم حلمهم عن جهلهم ( 5 ) و حكم منطقهم عن صمتهم ، و ظاهرهم عن باطنهم ، لا يخالفون الحق و لا1 - مضمون هذا الخبر مروى في روضة الكافى عن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته التي خطبها بذى قار و لا عجب أن يشتبه الكلامان لان مستقاهما من قليب و مفرغهما من ذنوب و هذا كلام الرضي رحمه الله في النهج عند قوله عليه السلام : " الحجر الغصيب في الدار رهن على خرابها " قال و يروى هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه و آله . و لا عجب الخ . 2 - سورة البقرة الآية . 182 3 - في بعض النسخ [ و لا ينكرون أنفسهم بعد المعرفة و لا تضلن بعد الهدى ] . 4 - في بعض النسخ [ حتى تعرفوا بصبغة الهدى ] . 5 - كذا . و لعل الضمير في " جهلهم " راجع إلى المخالفين كما يظهر من السياق و المعنى أخبركم حلمهم عن جهل مخالفيهم . أو عن عدم جهلهم أو انه تصحيف جهدهم . و فى الروضة [ هم عيش العلم و موت الجهل ، يخبركم حكمهم عن علمهم و ظاهرهم عن باطنهم الخ ] .