موعظته عليه السلام ووصفه المقصرين
( موعظته عليه السلام و وصفه المقصرين ) لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل و يرجو التوبة ( 1 ) بطول الامل يقول في الدنيا قول الزاهدين و يعمل فيها عمل الراغبين إن اعطي منها لم يشبع و إن منع لم يقنع يعجز عن شكر ما أوتي و يبتغي الزيادة فيما بقي ، ينهى الناس و لا ينتهي و يأمر الناس ما لا يأتي ، يحب الصالحين و لا يعمل بأعمالهم و يبغض المسيئين و هو منهم . و يكره الموت لكثرة سيئاته و لا يدعها في حياته ، يقول : كم أعمل فأتعنى ( 2 ) ألا أجلس فأتمني فهو يتمنى المغفرة و يدأب في المعصية ( 3 ) . و قد عمر ما يتذكر فيه من تذكر ، يقول فيما ذهب : لو كنت عملت و نصبت ( 4 ) لكان خيرا لي و يضيعه مكترث لاهيا . إن سقم ندم على التفريط في العمل و إن صح أمن مغترا يؤخر العمل ، تعجبه نفسه ما عوفي ( 5 ) و يقنط إذا ابتلي تغلبه نفسه على ما يظن و لا يغلبها على ما يستيقن ( 6 ) . لا يقنع من الرزق بما قسم له و لا يثق منه بما قد ضمن له و لا يعمل من العمل بما فرض عليه ، فهو من نفسه في شك ، إن استغنى بطر و فتن ( 7 ) و إن افتقر قنط و وهن ، فهو من الذنب و النعمة موفر ( 8 ) و يبتغي الزيادة و لا يشكر و يتكلف من الناس ما لا يعنيه و يصنع من نفسه ما هو أكثر . إن عرضت له شهوة واقعها باتكال على التوبة و هو لا يدري كيف يكون ذلك . لا تغنيه رغبته و لا تمنعه رهبته .1 - و فى النهج [ و يرجئ التوبة ] و يرجئ أى يوخر التوبة . 2 - في بعض النسخ [ لم ] . و أتعنى : أتعب من العناء اى التعب و المشقة . 3 - يدأب : يستمر و يجد في المعصية . 4 - نصبت : اجتهدت و أتعبت فيه و " مكترث لاهيا " أى لا يعبأ به و لا يباليه . 5 - أى ما دام في العافية . 6 - يعمل بالظن في اعمال الدنيا و لا يعمل للاخرة باليقين . و هو على يقين من ان السعادة و الشرف في الفضيلة و الزهد في الدنيا و لا يكتسبهما و لكن إذا ظن و توهم لذة حاضرة و شهوة عاجلة بادر إليها . 7 - بطر أى اغتر بالنعمة ففتن . 8 - و لا ينقص منهما شيئا من وفره اى كثره و جعله وفرا أى كثيرا .