في قصارى كلماته عليه السلام
فإنفاقه بثه إلى حفظته و رواته . و اعلموا أن صحبة العلم و اتباعه دين يدان الله به . و طاعته مكسبة للحسنات ممحاة للسيئات و ذخيرة للمؤمنين و رفعة في حياتهم و جميل الاحدوثة عنهم بعد موتهم ( 1 ) . إن العلم ذو فضائل كثيرة فرأسه التواضع . و عينه البراءة من الحسد . و أذنه الفهم . و لسانه الصدق . و حفظه الفحص . و قلبه حسن النية . و عقله معرفة الاسباب بالامور . و يده الرحمة . و همته السلامة . و رجله زيارة العلماء . و حكمته الورع . و مستقره النجاة . و قائده العافية . و مركبه الوفاء . و سلاحه لين الكلام و سيفه الرضي . و قوسه المداراة . و جيشه محاورة العلماء . و ماله الادب . و ذخيرته اجتناب الذنوب . و زاده المعروف و مأواه الموادعة ( 2 ) . و دليله الهدى . و رفيقه صحبة الاخيار ( 3 ) . ( و روي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني ( 4 ) ) قال عليه السلام : من كنوز الجنة البر و إخفاء العمل و الصبر على الرزايا ( 5 ) و كتمان المصائب . و قال عليه السلام : حسن الخلق خير قرين . و عنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه . و قال عليه السلام : الزاهد في الدنيا من لم يغلب الحرام صبره و لم يشغل الحلال شكره . و كتب إلى عبد الله بن عباس ( 6 ) . أما بعد فإن المرء يسره درك ما لم يكن ليفوته و يسوءه فوت ما لم يكن ليدركه ، فليكن سرورك بما نلته من آخرتك و ليكن أسفك على ما فاتك منها . و ما نلته من الدنيا فلا تكثرن به فرحا . و ما فاتك منها فلا تأسفن عليه حزنا . و ليكن همك فيما بعد الموت .1 - الاحدوثة : ما يتحدث به الناس و المراد الثناء و الكلام الجميل . 2 - الموادعة : المصالحة و المسالمة .(3) في الكافى [ محبة الاخيار ] . 4 - كل ما كان في هذا الباب فهو موجود في كتب أصحابنا كالخصال و الكافي و الامالى و كشف الغمة و المناقب و كنز الفوائد و النهج و إرشاد المفيد و أمثالها و فى كتب العامة أيضا كحلية الاولياء و المناقب لا بن الجوزي و مطالب السؤول و أمثالها . و إنما تعرضنا لبعضها لاجل اختلاف كان فيه . 5 - الرزايا : جمع الزرية : المصيبة العظيمة . 6 - منقول في النهج بأدنى اختلاف .