كلامه عليه السلام في الزهد
جعل الله لهم من ذمته و عهده و تكلهم إليه فميا طلبوا من أنفسهم و أجبروا عليه و تحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك [ و بينهم ] من معاملة و ليكن بينك و بين ظلمهم من رعاية ذمة الله و الوفاء بعهده . و عهد رسول الله صلى الله عليه و آله حائل فانه بلغنا أنه قال : " من ظلم معاهدا كنت خصمه " فاتق الله و لا حول و قوة إلا بالله ( 1 ) . فهذه خمسون حقا محيطا بك لا تخرج منها في حال من الاحوال يجب عليك رعايتها و العمل في تأديتها و الاستعانة بالله جل ثناؤه على ذلك و لا حول و لا قوة إلا بالله و الحمد لله رب العالمين . ( و من كلامه عليه السلام في الزهد ) إن علامة الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة تركهم كل خليط و خليل و رفضهم كل صاحب لا يريد ما يريدون . ألا و إن العامل لثواب الآخرة هو الزاهد في عاجل زهرة الدنيا ، الآخذ للموت أهبته ( 2 ) ، الحاث على العمل قبل فناء الاجل و نزول ما لابد من لقائه . و تقديم الحذر قبل الحين ( 3 ) فإن الله عز و جل يقول : " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ( 4 ) " فلينزلن أحدكم اليوم نفسه في هذه الدنيا كمنزلة المكرور إلى الدنيا ، النادم على ما فرط فيها من العمل الصالح ليوم فاقته . و اعلموا عباد اله ! أنه من خاف البيات تجافي عن الوساد . و امتنع من الرقاد ( 5 ) . و أمسك عن بعض الطعام و الشراب من خوف سلطان أهل الدنيا فكيف ويحك يا ابن آدم من خوف بيات سلطان رب العزة و أخذه الاليم و بياته لاهل المعاصي و الذنوب مع طوارق المنايا ( 6 ) بالليل و النهار فذلك البيات الذي ليس1 - فيهما [ و حق أهل الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله تعالى منهم و لا تظلمهم ما وفوا الله عز و جل بعهده ] . 2 - الاهبة : العدة . 3 - الحين - بالفتح - : الهلاك . 4 - المؤمنون آية 100 . 5 - البيات : الهجوم على عداء ليلا . و تجافى : تنحى . و الوسادة - بالتثليث : المخدة و المتكاء . 6 - المنايا : جمع المنية اى الموت . و طوارق المنية : دواهي الموت .