لابد لك منه و ما لا يصلح المسلمين غيره و ظننت أن الذي أخرج ذلك منك نية صالحة و رأى مدخول ( 1 ) . أما بعد فعليك بتقوى الله في مقامك و مقعدك و سرك و علانيتك و إذا أنت قضيت بين الناس فاخفص لهم جناحك ولين لهم جانبك و أبسط لهم وجهك و آس بينهم في اللحظ ( 2 ) و النظر حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم و لا يأيس ( 3 ) الضعفاء من عدلك عليهم و أن تسأل المدعي البينة و على المدعى عليه اليمين ، و من صالح أخاه على صلح فأجز صلحه إلا أن يكون صلحا يحرم حلالا أو يحلل حراما . و آثر الفقهاء و أهل الصدق و الوفاء و الحياء و الورع على أهل الفجور و الكذب و الغدر . و ليكن الصالحون الابرار إخوانك و الفاجرون الغادرون أعداءك ، فان أحب إخواني إلي أكثرهم لله ذكرا و أشدهم منه خوفا . و أنا أرجو أن تكون منهم إن شاء الله . و إني أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون و عما أنتم إليه صائرون ، فان الله قال في كتابه : " كل نفس بما كسبت رهينة ( 4 ) " و قال : " و يحذركم الله نفسه و إلى الله المصير ( 5 ) " و قال : " فو ربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ( 6 ) " فعليكم بتقوى الله
1 - أى لم يدخل عليه الفساد . 2 - و آس : أمره من المواساة أى و شارك . 3 - في النهج [ و لا ييأس ] . هذا مما كتبه عليه السلام و أرسله إلى محمد بن أبى بكر و أمره أن يقرأه على أهل مصر كما رواه المفيد في أمالية ص 152 الطبعة الاولى و ابن الشيخ أيضا في أمالية ص 16 مسندا عن أبى إسحاق الهمداني قال : لما ولي أمير المؤمنين عليه السلام محمد بن أبى بكر مصر و أعمالها كتب له كتابا أمره أن يقرأه على أهل مصر و يعمل بما وصاه به فيه فكان الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين على بن أبى طالب إلى أهل مصر و محمد بن أبى بكر سلام عليكم . . إلخ . و ما هاهنا مختصر منه كما أشار إليه المصنف رحمه الله . 4 - سورة المدثر آية 43 . 5 - سورة آل عمران آية 28 . 6 - سورة الحجر آية 92 .