ثم ذكر أصحاب الميمنة و هم المؤمنون حقا بأعيانهم فجعل فيهم أربعة أرواح : روح الايمان و روح القوة و روح الشهوة و روح البدن ، فلا يزال العبد مستكملا هذه الارواح الاربعة حتى تأتي عليه حالات ، فقال : و ما هذه الحالات ؟ فقال علي عليه السلام : أما أولهن فما قال الله : " و منكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ( 1 ) " فهذا تنقص منه جميع الارواح و ليس بالذي يخرج من الايمان ( 2 ) ، لان الله الفاعل به ذلك وراده إلى أرذل العمر ( 3 ) ، فهو لا يعرف للصلاة وقتا و لا يستطيع التهجد بالليل و لا الصيام بالنهار ، فهذا نقصان من روح الايمان و ليس بضاره شيئا إن شاء الله ( 4 ) . و تنقص منه روح الشهوة فلو مرت به أصبح بنات آدم ما حن إليها ( 5 ) و تبقى فيه روح البدن فهو يدب بها و يدرج حتى يأتيه الموت فهذا بحال خير ، الله الفاعل به ذلك و قد تأتي عليه حالات في قوته و شبابه يهم بالخطيئة فتشجعه روح القوة و تزين له روح الشهوة و تقوده روح البدن حتى توقعه في الخطيئة ، فإذا لامسها تفصى من الايمان ( 6 ) و تفصى الايمان منه ، فليس بعائد أبدا أو يتوب ( 7 ) ، فإن تاب و عرف الولاية تاب الله عليه و إن عاد فهو تارك للولاية أدخله الله نار جهنم . و أما أصحاب المشأمة فهم اليهود و النصارى يقول الله سبحانه : " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ( يعني محمدا و الولاية في التورية و الانجيل ) كما يعرفون أبنائهم ( في منازلهم ) و إن فريقا منهم ليكتمون الحق و هم يعلمون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ( 8 ) " فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم الله بذلك فسلبهم روح الايمان و أسكن أبدانهم
1 - سورة النحل آية 70 . 2 - في الكافى [ من دين الله ] . 3 - في الكافى [ هو الذي رده إلى أرذل العمر ] . 4 - كذا . و فى الكافى [ و منهم من ينتقص منه روح القوة ، فلا يستطيع جهاد عدوه و لا يستطيع طلب المعيشة و منهم من ينتقص منه روح الشهوة . . الخ ] . 5 - " أصبح بنات آدم " أى أحسن وجها . ما حن : ما اشتاق إليها و فى بعض نسخ الحديث [ ما يحن ] . 6 - تفصى : تخلص و خرج منه و أزاله : عنه و فى الكافى [ نقص منه الايمان و تفصى الايمان منه ] . 7 - في الكافى [ فليس يعود فيه حتى يتوب ] . 8 - سورة البقرة آية 146 ، 147 .