الله فيه مما حرم ، فإنه أقرب لكم من الله و أبعد لكم من الجهل . ودعوا الجهالة لاهلها ، فإن أهل الجهل كثير و أهل العلم قليل و قد قال الله : " وفوق كل ذي علم عليم " ( 1 ) ( كلامه عليه السلام في خلق الانسان و تركيبه ) قال عليه السلام : عرفان المرء نفسه أن يعرفها بأربع طبائع و أربع دعائم و أربعة أركان فطبايعه : الدم و المرة و الريح و البلغم ( 2 ) و دعائمه : العقل و من العقل الفهم و الحفظ . و أركانه النور و النار و الروح و الماء . و صورته طينته . فأبصر بالنور و أكل و شرب بالنار و جامع و تحرك بالروح . و وجد طعم الذوق و الطعام بالماء فهذا تأسيس صورته . فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما حافظا ذكيا فطنا فهما و عرف فيما هو و من أين يأتيه ولاي شيء هو ههنا و إلى ما هو صائر ، بإخلاص الوحدانية و الاقرار بالطاعة و قد تجري فيه النفس و هي حارة و تجرى فيه و هي باردة ، فإذا حلت به الحرارة أشر و بطر و ارتاح ( 3 ) و قتل و سرق و بهج و استبشر و فجر وزنا و بذخ . و إذا كانت باردة اهتم و حزن و استكان و ذبل ( 4 ) و نسي ، فهي العوارض التي تكون منها الاسقام و لا يكون أول ذلك إلا بخطيئة عملها فيوافق ذلك من مأكل أو مشرب في حد ساعات لا تكون تلك الساعة موافقة لذلك المأكل و المشرب بحال الخطيئة فيستوجب الالم من ألوان الاسقام . ثم قال عليه السلام بعد ذلك بكلام آخر : إنما صار الانسان يأكل و يشرب و يعمل بالنار و يسمع و يشم بالريح و يجد لذة الطعام و الشراب بالماء و يتحرك بالروح فلو لا أن النار في معدته لما هضمت الطاعم و الشراب في جوفه . و لو لا الريح ما التهبت نار المعدة و لا
1 - سورة يوسف آية 76 . 2 - المرة - بكسر ففتح مشددة - : خلط من خلط البدن كالصفراء أو السوداء و الجمع مرار . 3 - أشر - كعلم - : مرح . و بطر - كعلم - طغى بالنعمة فصرفها في وجهها ، و أخذته دهشة عند هجوم النعمة . و البطر - بالتحريك كمنع - شدة النشاط . و ارتاح إلى الشيء : أحبه و مال إليه . و الارتياح السرور و النشاط . و البذخ - بالتحريك - : الفخر و التطاول . 4 - ذبل النبات كضرب و نصر - : قل ماؤها و ذهبت نضارتها . و ذبلت بشرته : قل ماء جلدته و ذهبت نضارته . و ذبل الفرص : ضمر .