تحف العقول عن آل الرسول صلی الله علیهم نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
خرج الثفل من بطنه ( 1 ) و لو لا الروح لا جاء و لا ذهب . و لو لا برد الماء لاحرقته نار المعدة . و لو لا النور ما أبصر و لا عقل . و الطين صورته . و العظم في جسده بمنزلة الشجر في الارض . و الشعر في جسده بمنزلة الحشيش في الارض . و العصب في جسده بمنزلة اللحاء على الشجر ( 2 ) . و الدم في جسده بمنزلة الماء في الارض . و لا قوام للارض إلا بالماء و لا قوام لجسد الانسان إلا بالدم . و المخ دسم الدم و زبده . فهكذا الانسان خلق من شأن الدنيا و شأن الآخرة فإذا جمع الله بينهما صارت حياته في الارض ، لانه نزل من شأن السماء إلى الدنيا ، فإذا فرق الله بينهما صارت تلك الفرقة الموت يرد شأن الآخرة إلى السماء . فالحياة في الارض و الموت في السماء و ذلك أنه يفرق بين الروح و الجسد ، فردت الروح و النور إلى القدرة الاولى و ترك الجسد لانه من شأن الدنيا . و إنما فسد الجسد في الدنيا لان الريح تنشف الماء ( 3 ) فيبس الطين فيصير رفاتا و يبلى و يرد كل إلى جوهره الاول و تحركت الروح بالنفس و النفس حركتها من الريح ، فما كان من نفس المؤمن فهو نور مؤيد بالعقل . و ما كان من نفس الكافر فهو نار مؤيد بالنكراء ( 4 ) ، فهذا من صورة ناره و هذا من صورة نوره و الموت رحمة من الله لعبده المؤمن و نقمة على الكافر . و لله عقوبتان احداهما من الروح و الاخرى تسليط الناس بعض على بعض ، فما كان من قبل الروح فهو السقم و الفقر . و ما كان من تسليط فهو النقمة و ذلك قول الله عز و جل : " و كذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ( 5 ) " من الذنوب . فما كان من ذنب الروح فعقوبته بذلك السقم و الفقر . و ما كان من تسليط فهو النقمة . و كل ذلك