و تصير العين معلومة بشيئين أحدهما المشاهدة ، و الثاني التحديد ، و يشاهد ها ثم يحددها له المكرى ، فيذكر حدودها الاربعة حتى يتبين حصر الذي اكتراه ، و المنفعة تصير معلومة بالتقدير ، لانه لا يمكن مشاهدتها و لا تقديرها بكيل و لا وزن و لا نوع ، بل يقدر بتقدير الزمان .
فإذا ثبت أنها لا بد أن تكون معلومة ، و المنفعة معلومة ، فمن شرط صحة العقد أن تكون المنعفة متصلة بالعقد ، و يشرط أنها من حين العقد ، فإذا قال آجرتك هذه الدار شهرا و لم يقل من هذا الوقت ، و لكنه أطلق الشهر فانه لا يجوز و كذلك إن آجره الدار في شهر مستقبل بعد ما دخل ، فانه لا يجوز ، فعلى هذا إذا قال في رجب آجر تك هذه الدار شهر رمضان ، لم تصح الاجارة و عند قوم تصح و هو قوى .
فإذا ثبت ما قلناه فإذا آجره العقار و اتصلت المنافع بالعقد ، لم يخل من أحد أمرين إما أن يسلم العقار إليه ، أو لا يسلم ، فان سلم له ما استحقه من المنافع ، فقد استقر له حقه ، ينظر .
فان كان العقد صادف أول الشهر كان الاعتبار بالهلال ، و إن كان أكراه شهرا فحتى يهل الهلال للشهر الآخر ، سواء كان الشهر ناقصا أو كاملا .
و إن كان العقد لم يصادف أول الشهر كان الاعتبار بالعدد ، فيعد من ذلك الوقت تمام ثلاثين يوما فإذا انقضى ذلك فقد استوفى حقه بلا خلاف في ذلك ، و إن تلفت الدار قبل مضى الوقت انفسخ العقد فيما بقي و لا ينفسخ فيما مضى .
و أما إذا لم يسلمه إليه و مضى بعض المدة في يده ، فقد انفسخ العقد في ذلك القدر الذي مضى ، لانه معقود عليه تلف قبل القبض ، و يكون الحكم في الباقى صحيحا ، و في الناس من قال لا يصح فيما بقي ، و منهم من قال يصح فيما بقي و له الخيار .
و أما العقار مثل الدابة و البغل و الجمل و الحمال و البقر و غير ذلك فانه يجوز أن يعقد عليها عقد الاجارة معينا و في الذمة ، لان هذه الاشياء يجوز ثبوتها في الذمة في البيع ، فكذلك في الاجارة ، و يفارق العقار التي لا بد فيه من تعيين