بينهم في الاماكن .
و خرج المحمل يوم الخميس خامس عشره و لبس الخطيب ابن الجلال خلعة استقرار الخطابة في هذا اليوم ، و ركب بها مع القضاة على عادة الخطباء .و في هذا الشهر نصب المنجنيق الكبير على باب الميدان الاخضر و طول أكتافه ثمانية عشر ذراعا ، و طول سهمه سبعة و عشرون ذراعا ، و خرج الناس للفرجة عليه ، و رمى به في يوم السبت حجرا زنته ستين رطلا ، فبلغ إلى مقابلة القصر من الميدان الكبير ، و ذكر معلم المجانيق أنه ليس في حصون الاسلام مثله ، و أنه عمله الحاج محمد الصالحي ليكون بالكرك ، فقدر الله أنه خرج ليحاصر به الكرك ، فالله يحسن العاقبة .
و في أواخره أيضا مسك أربعة أمراء ، و هم أقبغا عبد الواحد الذي كان مباشرا الاستدارية للملك الناصر الكبير ، فصودر في أيام ابنه المنصور ، و أخرج إلى الشام فناب بحمص فسار سيرة غير مرضية ، و ذمه الناس و عزل عنها و أعطى تقدمة ألف ( 1 ) بدمشق ، و جعل رأس الميمنة ، فلما كان في هذه الايام اتهم بممالاة السلطان أحمد بن الناصر الذي بالكرك ، فمسك و حمل إلى القلعة و معه الامير سيف الدين بلو ، و الامير سيف الدين سلامش ، وكلهم بطبلخانات فرفعوا إلى القلعة المنصورة ، فالله يحسن العاقبة .و في هذا الشهر خرج قضأ حمص عن نيابة دمشق بمرسوم سلطاني للقاضي شهاب الدين البارزي ، و ذلك بعد مناقشة كثيرة وقعت بينه و بين قاضي القضاة تقي الدين السبكي ، و انتصر له بعض الدولة ، و استخرج له المرسوم المذكور .
و فيه أيضا أفرد قضأ القدس الشريف أيضا بإسم القاضي شمس الدين بن سالم الذي كان مباشرها مدة طويلة قبل ذلك نيابة ، ثم عزل عنها و بقي مقيما ببلده غزة ، ثم أعيد إليها مستقلا بها في هذا الوقت .
و في هذا الشهر رجع القاضي شهاب الدين بن فضل الله من الديار المصرية و معه توقيع بالمرتب الذي كان له أولا كل شهر ألف درهم ، و أقام بعمارته التي أنشأها بسفح قاسيون شرقي الصالحية بقرب حمام النحاس .و في صبيحة مستهل ذي القعدة خرج المنجنيق قاصدا إلى الكرك على الجمال و العجل ، و صحبته الامير صارم الدين إبراهيم المسبقي ، أمير حاجب ، كان في الدولة السكرية ، و هو المقدم عليه يحوطه و يحفظه و يتولى تسييره بطلبه و أصحابه ، و تجهز الجيش للذهاب إلى الكرك ، و تأهبوا أتم الجهاز ، و برزت أثقالهم إلى ظاهر البلد و ضربت الخيام فالله يحسن العاقبة .
1 - في السلوك 2 / 3 / 626 : بأمرة مئة بدمشق .