و في شوال أمسك السلطان جماعة من الامراء قريبا من عشرين ( 1 ) أميرا ، و في سادس عشر شوال وقع بين أهل حوران من قيس و يمن فقتل منهم مقتلة عظيمة جدا ، قتل من الفريقين نحو من ألف نفس بالقرب من السوداء ، و هم يسمونها السويداء ، و كانت الكسرة على يمن فهربوا من قيس حتى دخل كثير منهم إلى دمشق في أسوأ الحال و أضعفه ، و هربت قيس خوفا من الدولة ، و بقيت القرى خالية و الزروع سائبة .
فإنا لله و إنا إليه راجعون .و في يوم الاربعاء سادس ذي القعدة قدم الامير سيف الدين قبجق المنصوري نائبا على حلب فنزل القصر و معه جماعة من أمراء المصريين ، ثم سافر إلى حلب بمن معه من الامراء و الاجناد و اجتاز الامير سيف الدين بها در بدمشق ذاهبا إلى طرابلس نائبا و الفتوحات السواحلية عوضا عن الامير سيف الدين استدمر ، و وصل جماعة ممن كان قد سافر مع السلطان إلى مصر في ذي القعدة منهم قاضي قضاة الحنفية صدر الدين ، و محيي الدين بن فضل الله و غيرهما ، فقمت و جلست يوما إلى القاضي صدر الدين الحنفي بعد مجيئه من مصر فقال لي : أ تحب ابن تيمية ؟ قلت : نعم ، فقال لي و هو يضحك : و الله لقد أحببت شيئا مليحا ، و ذكر لي قريبا مما ذكر ابن القلانسي ، لكن سياق ابن القلانسي أتم .
مقتل الجاشنكيري كان قد فر الخبيث في جماعة من أصحابه ، فلما خرج الامير سيف الدين قراسنقر المنصوري من مصر متوجها إلى نيابة الشام عوضا عن الافرم ، فلما كان بغزة في سابع ذي القعدة ضرب حلقة لاجل الصيد ، فوقع في وسطها الجاشنكير في ثلاثمائة من أصحابه فأحيط بهم و تفرق عنه أصحابه فأمسكوه و رجع معه قراسنقر وسيف الدين بها در على الهجن ، فلما كان بالخطارة تلقاهم استدمر فتسلمه منهم و رجعا إلى عسكرهم ، و دخل به استدمر على السلطان فعاتبه و لامه ، و كان آخر العهد به ( 2 ) ، قتل و دفن بالقرافة ( 3 ) و لم ينفعه شيخه المنبجي و لا أمواله ، بل قتل شر قتلة و دخل قراسنقر دمشق يوم الاثنين الخامس و العشرين من ذي القعدة فنزل بالقصر ، و كان في صحبته ابن صصرى و ابن الزملكاني و ابن القلانسي و علاء الدين بن غانم و خلق من الامراء المصريين و الشاميين ، و كان الخطيب جلال الدين القزويني قد وصل قبلهم يوم الخميس الثاني و العشرين من
1 - في بدائع الزهور 1 / 435 : أربعة عشر أميرا ، و في تذكرة النبيه 2 / 21 : اثنان و عشرون أميرا . و مثله في النجوم الزاهرة 9 / 12 و زاد : " و لم يفلت سوى جوكتمر بن بها در رأس نوبة " . 2 - في بدائع الزهور 1 / 434 : خنق حتى مات و قضى نحبه - بين يدي السلطان - و كانت وفاته يوم الخميس رابع عشر ذي القعدة ( أنظر السلوك 2 / 71 و عقد الجمان حوادث سنة 709 ) . 3 - في بدائع الزهور 1 / 434 : رسم بنقله ، و دفنه في خانقته التي أنشأها عند الدرب الاصفر ، بالقرب من خانقة سعيد السعداء ، فدفن بها في أواخر سنة 709 ه .