التوهّم ، ولا ينبغي الإقدام على حكم بالوضع إلاّ عند عدم إمكان الجمع ، ولا يلزم من تعذّر الجمع في الحال أنه لا يمكن بعد ذلك ، لأن فوق كل ذي علم عليم.
وطريق الورع في مثل هذا أن لا يحكم على الحديث بالبطلان ، بل يتوقف فيه إلى أن يظهر لغيره ما لم يظهر له ، وهذا الحديث من هذا الباب ، هو حديث مشهور له طرق متعدّدة ، كل طريق منها على انفراده لا تقصر عن رتبة الحسن ، ومجموعها مّما يقطع بصحّته على طريقة كثير من أهل الحديث .
وأمّا كونه معارضاً لما في الصحيحين فغير مسلم ، ليس بينهما معارضة ...
وها أنا أذكر بقية طرقه ثم أبين كيفية الجمع بينه وبين الذي في الصحيحين ... ».
ثمّ قال بعد ذكر طرقٍ للحديث :
« فهذه الطرق المتضافرة بروايات الأثبات تدلّ على أن الحديث صحيح ذو دلالة قوية . وهذه غاية نظر المحدّث ... فكيف يدعى الوضع على الأحاديث الصحيحة بمجرد هذا التوهّم ؟! ولو فتح هذا الباب لردّ الأحاديث لأدّى في كثير من الأحاديث الصحيحة البطلان ، ولكن يأبى الله ذلك والمؤمنون ... » (1) .
وقال القسطلاني بشرح حديث الخوخة : « وعورض بما في الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : سدوا الأبواب إلاّ باب علي .
وأجيب بأن الترمذي قال : إنه غريب ، وقال ابن عساكر : إنه وهم .
لكن للحديث طرق يقوّي بعضها بعضاً ، بل قال الحافظ ابن حجر في بعضها : إسناده قويّ ، وفي بعضها : رجاله ثقات » (2) .
وقال بعد ذكر طرق لحديث « إلاّ باب علي » : « وبالجملة فهي ـ كما قال الحافظ ابن حجر ـ : أحاديث يقوّي بعضها بعضاً ، وكل طريق منها صالح للاحتجاج فضلاً عن مجموعها » (3) .
(1) اللآلي المصنوعة 1| 347 - 352 . (2) إرشاد الساري 1|453 . (3) إرشاد الساري 6| 84 - 85 .