إرشاد العقول إلی مباحث الأصول

محمد حسین الحاج العاملی

جلد 2 -صفحه : 533/ 334
نمايش فراداده

بحجّة انّ العنوان مرآة إلى الخارج، فيكون كلّواحد من أفراد العام ذا حكم خاص، فلو ورد عليه قيد يستلزم رفع اليد عن الحكم عن بعض الأفراد.

وأمّا الإطلاق الشمولي، فالشمول ليس مدلول اللفظ، لما قلنا في محلّه انّ الإطلاق عبارة عن كون ما وقع تحت دائرة الطلب تمام الموضوع، فمعنى الإطلاق في قولنا: «لا تكرم الفاسق»هو انّ تمام الموضوع للتحريم هو عنوان الفاسق، وأمّا انّ الحكم سار إلى كلّ واحد من أفراده فليس اللفظ دالاً عليه، وإنّما يدل عليه العقل حيث إنّ رفع الطبيعة إنّما هي برفع جميع أفرادها، فيكون رفع جميع الأفراد مدلولاً عقلياً للجملة لا مدلولاً لفظياً، كما هو الحال أيضاً في العام البدلي، فإذا قال: أكرم عالماً فمعنى الإطلاق كون ما وقع تحت دائرة الطلب تمام الموضوع، وأمّا الاقتصار بفرد ما الذي نعبّر عنه بالإطلاق البدلي فإنّما هو بحكم العقل الحاكم بأنّ الطبيعة توجد بإيجاد فرد ما، وعلى ذلك فالشمول والبدل خارجان عن المضمون، ومدلولان للعقل.فلا وجه لتقديم أحدهما على الآخر، إذ ليس أحدهما مستنداً إلى اللفظ والآخر مستنداً إلى العقل.

وثانياً: أنّ سلب الحكم عن بعض الأفراد موجود في كلا التصرّفين، غير انّ الحكم في الإطلاق الشمولي على نحو الجمع كأنّه يقول: لا تكرم هذا الفاسق وذاك الفاسق و...، ولكن الحكم في الإطلاق البدلي على نحو الترديد فكأنّه يقول: أكرم هذا العالم أو ذاك العالم أو ذلك العالم.

فكما أنّ في تقديم الثاني على الإطلاق الشمولي رفع الحكم عن صنف من أفراد العام، فهكذا في تقديم الإطلاق الشمولي على الإطلاق البدلي سحب الحكم عن بعض الأفراد المحكومة بالحكم على وجه التخيير، فالمدلول قبل التقييد هو أكرم ذلك العالم الفاسق أو ذلك العالم العادل، وبعد التقييد بالإطلاق الشمولي