بحوث فی الملل والنحل

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 4 -صفحه : 409/ 30
نمايش فراداده

كتاب نودي به في البلاد الشامية والمصرية، وفيه الحط على الشيخ تقي الدين، فانضمّ إلى صفّه جماعة كثيرة من الفقهاء والفقراء، وجرت فتن كثيرة منتشرة، وحصل للحنابلة بالديار المصرية إهانة عظيمة(1) .

بقي الشيخ في السجن بسبب عقيدته الّتي لا تجتمع مع عقيدة جمهور المسلمين حتّى مطلع سنة (706 هـ) .

يقول ابن كثير: وفي ليلة عيد الفطر من تلك السنة، أحضر الأمير سيف الدين سلار نائب مصر، القضاة الثلاثة وجماعة من الفقهاء، فالقضاة: الشافعي والمالكي والحنفي، والفقهاء: الباجي، والجزري، والمنواري، وتكلموا في إخراج الشيخ تقي الدين ابن تيمية من الحبس، فاشترط بعض الحاضرين عليه شروطاً في ذلك منها أنّه يلتزم بالرجوع عن بعض عقائده، فأرسلوا إليه ليحضر ليتكلموا معه في ذلك، فامتنع عن الحضور .

استهلّت سنة (707 هـ) والشيخ معتقل في قلعة الجبل بمصر، إلى أن أُطلق سراحه يوم الجمعة 23 من ربيع الأول، وخيّر بين الإقامة بمصر أو الروح إلى موطنه الشام، وقد اختار هو الإقامة بمصر، ولكنّه لم يبرح في غلوائه وأفكاره إلى أن واجهته محنة ثالثة، وقد ذكرها ابن كثير ايضاً في تاريخه.

المحنة الثالثة

وفي شوال عام 707 هـ ، شكي منه أيضاً، فردّ الأمر إلى القاضي الشافعي، فعقد له مجلس، وادّعى له ابن عطاء بأشياء ورأى القاضي بدر الدين بن جماعة أنّ في آرائه قلة أدب بساحة النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ فحضرت رسالة إلى القاضي إلى أن يعمل معه ما تقتضيه الشريعة، فتمّ الأمر بحسبه في سجن القضاة، ودخل السجن، وأُفرج عنه في مستهل سنة 708 هـ وبقي في القاهرة إلى أن توجّه منفياً إلى الإسكندرية في ليلة سلخ صفر في عام 709 هـ وأقام هناك ثمانية أشهر إلى أن تغيرت الظروف، فعاد

1 . المصدر نفسه .