الناس، فكان يبثّ بذور الخلاف فترة بعد فترة، ويشغل الحكومات والقضاة عن القيام بالواجب بنقل الشيخ من مقام إلى مقام .
وثانياً: إنّ جماهير الفقهاء والقضاة كانوا يخالفونه فيما يبديه من الآراء الشاذة، في مجال الأُصول والفروع، وإنّ آراءه كانت مخالفة لما هو المشهور المجمع عليه بين العلماء .
وثالثاً: إنّ الرجل كان معروفاً بالقول بالتجسيم والتشبيه والجهة، وكان اعتقاله لأجل التفوّه بها، فكلّ من أراد تنزيهه عن هذه التهمة، خالف الرأي العام في حقّه وما عرف منه يوم حياته .
نعم إنّ هناك أُناساً ترجموا للرجل ترجمة وافية، فأثنوا عليه الثناء البالغ، وذكروا ذكاءه وتوقّد ذهنه، وإحاطته بالكتاب والسنّة، كما ذكروا آثاره العلمية من كتب ورسائل، ولكن يؤخذ عليهم بأنّه لماذا ركّزوا على جانب واحد من حياته، ولم يشيروا إلى الجانب السلبي منها، فإنّه لا يمكن لأحد تخطئة أولئك العلماء الذين ناظروه، وباحثوه، وأصدروا أرائهم فيه، وهم كثيرون، ولأجل ذلك نشير إلى المصادر الّتي أخذتها العصبية العمياء فجاءوا كأنّهم يعرفون رجلا أطبق علماء عصره على نزاهته وصفاء فكره، فمن أراد أن يقف عليها فليرجع إلى المصادر التالية:
1- تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1496، بالرقم 1175. وإن استدرك زلّته هذه ببعث رسالة مستقلة إلى ابن تيمية يستنكر فيها عليه أعماله وأقواله كما ستوافيك .
2- شذرات الذهب في أخبار من ذهب لأبي الفلاح عبد الحي بن عماد الحنبلي (م 1098) 6/80 .
3- طبقات الحفاظ، لجلال الدين السيوطي، (ت 911 هـ)، ص 52 .
4- الذيل على طبقات الحنابلة، لابن رجب زين الدين، أبي الفرج، عبدالرحمن بن شهاب الدين أحمد البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي، (736 ـ 795 هـ) 2/ 387، بالرقم 495 .