بحوث فی الملل والنحل

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 4 -صفحه : 409/ 346
نمايش فراداده

فهذا الاعتراف الصريح من موالي الوهابيين يدل على أنهم كانوا في فترة من الزمن على تكفير المخالفين، وتسمية الغارة على المسلمين جهاداً في سبيل اللّه .

نعم في الفترة الأخيرة الّتي أخذ فيها أزمّة الحكم في نجد والحرمين الشريفين عبد العزيز، ثم خلفه أبناؤه من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد اليوم، تنازلوا عن تكفير المسلمين علانية، ولاترى هذه التهمة في صفحات وسائلهم الإعلامية السمعية والبصرية، فتغير موقفهم بالنسبة إلى جميع الطوائف الإسلامية، فيرون الحرمة لبلادهم ودمائهم وممتلكاتهم، إلاّ الشيعة، فهم موقفهم السابق منهم، وخصوصاً بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران فقد تأججت نار أحقادهم وحميتهم العصبية عليهم، فلا تمر برهة زمنية إلاّ وينتشر كتاب ضد الشيعة بأقلام المأجورين في مختلف أنحاء العالم، ويبذلون مال اللّه ليصدّوا الناس عن طريقه .

سؤال وجواب

إنّ الوهابية امتداد فكري لما بذره أحمد بن تيمية في أوائل القرن الثامن وتعتبر حركتهم الهدامة انعكاساً جذرياً لمبادئه الضالة، ويتمخض عن ذلك، سؤال يستثيره نجاح محمد بن عبدالوهاب النسبي في تطبيق وإقرار مبادىء دعوته، دون مؤسس المنهج أحمد بن تيمية، فقد أخفق في دعوته، وأخمدت في بادىء بدئها، وإن كان قد تبعه بعض الناس فلم تكن متابعتهم له عن علم بمبادئه وغاياته .

وهذا ابن كثير الشامي التابع لمنهج ابن تيمية يقول: كان الناس يتبركون بجنازته(1) مع أنّه عنده شرك، والشرك من أعظم الجرائم عند ابن تيمية، فلم تكن متابعة جماعة من الناس له عن إحاطة ودراية، بل مخالفته للحكم السائد في الشام، وإبعاده منها إلى مصر ثم سجنه، صارت سبباً لاستمالة قلوب الناس

1 . البداية والنهاية، ج 14، حوادث عام 728 .