بحوث فی الملل والنحل

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 4 -صفحه : 409/ 5
نمايش فراداده

تصدير

كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة

دعامتان للإسلام

بُنىّ الإسلام على كلمتين هما دعامتاه المبدئيتان: كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة; أمّا الأُولى فقد دعا إليها النبي الأعظم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ، بل الأنبياء والمرسلون قاطبة، ولم يكن لهم هدف سوى إرساء قاعدة التوحيد والقضاء على الوثنية، وما سوى ذلك من التعاليم من فروع تلك الشجرة الطيبة وأغصانها وثمارها، ولولا هذا الأصل لما قام للدين عمود ولا اخضرّ للإسلام عود. قال سبحانه: (و لقد بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّة رَسُولا أنِ اعبُدُوا اللّهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) .(1)

وأمّا الثانية فهي الدعامة الثانية لإرساء صرح الإسلام، بل هي الركن الركين لنشر تعاليمه وكبح جماح الجبابرة والطواغيت، ولولا وحدة الكلمة لكان الإسلام في بدء طلوعه فريسة لمطامع الظالمين، وقد دعا إليها الذكر الحكيم في غير مورد من آياته. قال سبحانه: (وَ اعتَصِموا بِحَبْلِ اللّهِ جَميعاً وَ لا تَفَرَّقُوا واذكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُم إذْ كُنْتُم أعداءً فَألَّف بين قُلُوبِكُم فَأَصبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْواناً)(2) .

وقد قام النبي الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ في دار هجرته بتجسيد مفهوم الاخوّة بين أصحابه، قال سبحانه: (إنَّما المؤْمنونَ إخوةٌ فأَصْلِحُوا بَيْنَ أخَوَيْكُم)(3)،

1 . سورة النحل : الآية 36 .

2 . سورة آل عمران : الآية 103 .

3 . سورة الحجرات : الآية 10 .