دخل الشاب اليهودي مجمتع القوم فأخذ يذكر مقاتلتهم ومضاربتهم في عصر الجاهلية، فأحيى فيهم حميتها حتّى استعدوا للنزاع والجدال بحجة أنّهم قتل بعضهم بعضاً في العصر الجاهلي يوم بعاث، وأخذ الشاب يُؤجّج نار الفتنة ويصب الزيت على النار حتّى تواثب رجلان من الحيّين فتقاولا .
فبلغ ذلك رسول اللّه فخرج، إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين، حتّى جاءهم فقال: يا معشر المسلمين! اللّه، اللّه، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم، بعد أن هداكم اللّه بالإسلام وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم من الكفر وألّف به بين قلوبكم؟
كانت كلمة النبي كالماء المصبوب على النار بشدة وقوة، حيث عرف القوم أنّها نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم، فبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ مذعنين، متسالمين، مطيعين قد دفع اللّه عنهم كيد عدو اللّه شأْس بن قيس، فأنزل اللّه تعالى في شأْس وما صنع (1)..