وقد جرى على بني إسرائيل ببيت المقدس قريب مما جرى على أهل بغداد، كما قصّ اللّه تعالى، علينا ذلك في كتابه العزيز، حيث يقول: (وَ قَضَينا إلى بَني إسرائيلَ في الكتابَ لَتُفْسِدُُنَّ في الأرضِ مَرَّتَينِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كبيراً * فإذا جاءَ وَعدُ أولاهُما بَعَثْنا عَليكُم عَباداً لَنا أُولي بَأْس شَديد فَجاسُوا خِلالَ الدّيارِ وَكَانَ وَعْداً مَفعولا)(1) .
وقد قتل من بني إسرائيل خلق من الصلحاء، وأسر جماعة من أولاد الأنبياء، وخرب بيت المقدس بعد ما كان معموراً بالعباد والزهاد والأحبار والأنبياء، فصار خاوياً على عروشه واهي البناء .
وقد اختلف الناس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة. فقيل ثمانمائة ألف، وقيل ألف ألف وثمانمائة ألف، وقيل بلغت القتلى ألفي نفس، فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلاّ باللّه العلىّ العظيم، وكان دخولهم إلى بغداد في أواخر المحرم، وما زال السيف يقتل أهلها أربعين يوماً .
ولما انقضى الأمر المقدور وانقضت الأربعون يوماً بقيت بغداد خاوية على