3- إمكان الاتصال بالأرواح
إنّ الذكر الحكيم يصدق صحة اتصال الإنسان العائش في الدنيا بالأرواح المتواجدة في عالم البرزخ، ويصرّح بأنّ بعض الأنبياء كصالح وشعيب كلّموا أرواح أُممهم الهالكة، ويظهر ذلك بالإمعان في الآيات التالية:
يقول في حق أُمة شعيب:
(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحوا في دَارِهِمْ جاثِمينَ * الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوا فِيها، الَّذينَ كَذَّبوا شُعَيباً كانُوا هُمُ الخَاسِرينَ * فَتَوَلّى عَنْهُمْ وَقَالَ يا قَوْمِ لَقَد أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلَى قَوْم كافِرينَ)(1) .
ترى أنّ قوله: «فتولّى عنهم» جاء بعد الإخبار بدمارهم وهلاكهم كما هو صريح سياق الآيات، وعندئذ خاطب الهالكين بقوله: «يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي...» .
ويقول في حق أُمة صالح:
(فَعَقَروا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنا إنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرسَلينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبِحُوا في دَارِهِمْ جَاثِمينَ * فَتَوَلّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحينَ)(2) .
وكيفية الاستدلال واضحة بعد التدبّر في ما ذكرناه، فإنّ المخاطبة والمحاورة وقعت بعد هلاكهم، فلا يمكن لنا رفض سياق الآية والقول بأنه كلمهم في حال حياتهم.
إنّ الذكر الحكيم يأمر النبي بسؤال المرسلين ويقول: (وَاسْأَلْ مَنْ
1 . سورة الأعراف: الآية 91 ـ 93 .
2 . سورة الأعراف: الآية 77 ـ 79 .