أتيناك والعذراء تدمى لبانها * وقد شغلت أُم الصبي عن الطفل
ولا شيء مما يأكل الناس عندنا * سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل
وليس لنا إلاّ اليك فرارنا * وأين فرار الناس إلاّ إلى الرسل؟
فقام رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ يجر رداءه حتّى صعد المنبر، فرفع يديه وقال: أللّهمّ اسقنا غيثاً مغيثاً... فما رد النبي يديه حتّى ألقت السماء... ثم قال: للّه در أبي طالب، لو كان حياً لقرت عيناه. من ينشدنا قوله؟
فقام علىّ بن أبي طالب ـ عليه السَّلام ـ وقال: كأنّك تريد يا رسول اللّه قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يطوف به الهُلاّك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل
فقال النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ : أجل .
فأنشد علىّ ـ عليه السَّلام ـ أبياتاً من القصيدة، والرسول يستغفر لأبي طالب على المنبر، ثم قام رجل من كنانة وأنشد يقول:
لك الحمد والحمد ممن شكر * سقينا بوجه النبي المطر(1)
دلالة الحديث
إنّ الإمعان في مجموع الرواية يعرب عن أنّ الأعرابي توسل بشخص النبي وطلب منه قضاء حاجته، والدليل على ذلك الأُمور التالية:
أ ـ أتيناك وما لنا بعير يئط .
ب - أتيناك والعذراء تدمى لبانها .
ج ـ وليس لنا إلاّ إليك فرارنا .
1 . السيرة الحلبية ج 1 ص 116، لاحظ فتح الباري ج 2 ص 494 والقصيدة مذكورة في السيرة النبوية لابن هشام ج 1 ص 272 ـ 280 .