رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ حتّى قال أبوبكر: سمعت النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ يقول:: لم يقبر نبىّ إلاّ حيث يموت(1) .ثم أضاف المؤلف: فعلمنا من هذه الأحاديث أنّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ دفن في بيته كما أمر بذلك، فعلى هذا فلا حجة فيه للقبوريين في البناء على القبور، إذ لم يبن على قبره، وإنّما دفن في بيته(2) .ولا يخفى وجود التهافت في عبارته، فصدرها يدل على أنّ دفن النبي في بيته كان بأمره ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ ، ولو لم يكن أمره لما دفنوه فيه، لأنّ الدفن في البناء حرام، وذيل العبارة يدل على التفريق بين الدفن تحت البناء القائم والبناء على القبر .فلو أراد الوجه الأول كما هو ظاهره حيث استقصى مصادر الحديث المذكور قرابة ست صفحات، فهو مردود بدفن الشيخين في البيت، مع أنّه لم يرد في حقهما ما ورد في حق النبي .ولو أراد الثاني فهو تفريق لا يجنح إليه ذو مسكة، بعد وحدة الملاك والاشتراك في المفسدة المزعومة.وبعد دلالة الذكر الحكيم والسيرة على الجواز، لا مناص عن طرح هذه الروايات أو تأوليها.
3- البناء تعظيم لشعائر اللّه
إنّ تعظيم قبور الأنبياء والأولياء وتنظيفها وحفظها عن تطرق الفساد والانهدام مظهر لتعظيم شعائر اللّه قال سبحانه:(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظَّم شَعَائِرَ اللّهِ فإنَّها مِنْ تَقْوى القُلُوبِ)(3) .
1 . البداية والنهاية ج 5 ص 266، وقد جاءت مصادر هذه الرواية في كتاب رياض الجنة ص 264 .2 . رياض الجنة 269 .3 . سورة الحج: الآية 32 .