أمعن النظر في قول الخليفة: هذا واللّه الوسيلة .
3- ويظهر من شعر حسان أنّ المستسقي كان هو نفس الخليفة وهو الداعي حيث قال: «سأل الإمام...» وكان العباس وسيلته لاستجابة الدعاء .
وأظنّ أنّ هذه الروايات الصحيحة لا تبقي شكاً ولا ريباً في خلد أحد في جواز التوسل بالصالحين .
تشكيك الرفاعي في دلالة الحديث
يقول الرفاعي: «لا ريب في أنّ هذا الحديث صحيح، وما ظنك بحديث يرويه الإمام البخاري» ولكنه بصلافة خاصة به يدَّعي أنه من قبيل توسل المؤمن بدعاء أخيه المؤمن، ويقول: إنّ الحديث يخبرنا أنّ أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب (رضي اللّه عنه) كلّف العباس أن يستسقي للمسلمين ويدعو اللّه تعالى أن يستسقيهم الغيث; وبيّن الأسباب الموجبة لتكليف العباس، فقال: أللّهمّ إنّا كُنّا نتوسل إليك بنبيّنا فتسقينا، وإنّا نتوسل إليك بعم نبيّنا فاسقنا(1).
ثم أضاف: أنّه لو كان قصده ذات العباس لكانت ذات النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ أفضل وأعظم وأقرب إلى اللّه من ذات العباس بلا شك ولا ريب، فثبت أن القصد كان الدعاء ولم تكن ذات الرسول مقصودة عندما كان حياً(2) .
لا أظن أنّ أحداً يحمل شيئاً من الإنصاف تجاه الحقيقة يسوغ لنفسه أن يفسر الحديث بما ذكره، فمن أين يقول: إنّ عمر بن الخطاب كلّف العباس أن يستسقي للمسلمين، بل الخليفة قام بنفسه بالاستسقاء متوسلا بعم النبي
1 . التوصل إلى حقيقة التوسل ص 253 .
2 . التوسل إلى حقيقة التوسل، ص 253 و 256 وقد أخذه من ابن تيمية حيث قال: «وقد كان من الممكن أن يأتوا إلى قبره فيتوسلوا به، ويقولوا في دعائهم في الصحراء: نسألك ونقسم عليك بأنبيائك أو نبيك أو بجاههم، مجموعة الرسائل والمسائل ج 1 ص 12 .