وبذلك تعرف أنّ الدعايات الأخيرة هي الّتي تريد أن تعرّفه بشيخ الإسلام و محيي السنة، فما معنى هذه الشيوخة لأهل السنة مع أنّهم أجمعوا على ضَلاله وشذوذه؟
ولأجل أن يقف القارىء على آراء معصاريه في حقه ومقاربي زمانه، نقتطف من غضون التاريخ جملا تكشف عن إطباق العلماء، على الرد عليه ونقد آرائه، وستوافيك في أثناء البحث رسالة الذهبي إليه بنصها.
وإليك قائمة الشخصيات الذين ردّوا عليه في عصره أو بعده بقليل:
1- الشيخ صفي الدين الهندي الأرموي (ت 715 هـ)
عرّفه السبكي بقوله: «متكلم على مذهب الأشعري، كان من أعلم الناس بمذهب الشيخ أبي الحسن وأدراهم بأسراره، متضلّعاً بالأصلين، ومن تصانيفه في علم الكلام «الزبدة»، وفي أصول الفقه: «النهاية»، وكل مصنفاته حسنة جامعة، لاسيما «النهاية» .
مولده ببلاد الهند سنة 644 هـ ثم قدم دمشق سنة 685 هـ واستوطنها وتوفي بها سنة 715 هـ ولما وقع من ابن تيمية في «المسألة الحموية» ما وقع، وعقد له المجلس بدار السعادة(1) بين يدي الأمير «تنكز» وجمعت العلماء، أشاروا بأنّ الشيخ الهندي يحضر، فحضر، وكان الهندي طويل النفس في التقرير، إذا شرع في وجه يقرره لا يدع شبهة ولا اعتراضاً إلاّ اشار إليه في التقرير، بحيث لا يتم التقرير إلاّ وقد بعد على المعترض مقاومته، فلما شرع يقرّر، أخذ ابن تيمية يعجّل عليه على عادته، ويخرج من شيء إلى شيء.
فقال له الهندي: ما أراك يا بن تيمية إلاّ كالعصفور حيث أردت أن أقبضه من مكان، فرّ إلى مكان آخر .
وكان الأمير تنكز يعظم الهندي ويعتقده، وكان الهندي شيخ الحاضرين كلّهم، فكلّهم صدر عن رأيه، وحبس ابن تيمية بسبب تلك المسألة، وهي
1 . قال المعلق: كان ذلك سنة (705 هـ)، راجع البداية والنهاية ج 14 ص 36 ـ 38 .