ولأجل الحط من شأن النبي وكرامته يجعلون النبي مساوياً للمؤمنين ويقولون: «إنّ التوسل الجائز هو التوسل بدعاء المؤمن حال حياته، ولو جاز التوسل بدعاء النبي فليس هذا إلاّ لكونه أحد المؤمنين، ويجوز التوسل بدعاء كل أخ مؤمن من غير فرق بين النبي وغيره، وأمّا غير ذلك فكله ممنوع».وستوافيك أقسامه وكلماتهم فيها، وبما أنّ الوهابيين مازالوا يستدلون ضد المتوسلين ببعض الآيات، نقدم البحث عنها ونقول:
آيتان على طاولة التفسير
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُم وَلاَ تَحْويلا * أُولئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِم الوَسِيلَةَ أيُّهُمْ أقْرَبُ، وَيَرجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُوراً)(1).يقول محمد نسيب الرفاعي مؤسس الدعوة السلفية وخادمها في الرياض: إنّك ترى أنّ اللّه تعالى يلفت أنظار المؤمنين إلى أنّ عمل المشركين بالتزلّف إلى اللّه بأشخاص المخلوقين لا يفيدهم شيئاً، لأنهم لا يملكون كشف الضرّ عنهم ولا تحويلا، فدعاؤهم بالذوات أو التوسل بهم لا يقدّم ولا يؤخّر، ولا يوصلهم، لأنهم أخطأوا الطريق إلى اللّه .إنّ هاتين الآيتين في سورة الإسراء نزلتا في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن فأسلم الجنّيون، أمّا الإنس الذين كانوا يعبدونهم فلم يشعروا بإسلامهم، فأخبرهم اللّه بوحيه المنزل على عبده ورسوله محمد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ : إنّ هؤلاء الذين يزعم المشركون أنهم يقرّبونهم إلى اللّه زلفى، يتسابقون ويتنافسون فيما بينهم بالتقرّب إلى الله تعالى، ويرجون رحمته و يخشون عذابه، فكيف أيها المشركون تدعونهم لكشف الضر عنكم وتوسّطونهم، فما الّذي تؤملون منهم وهم على أشدّ ما يكونون حاجة إلى اللّه تعالى، فالذي لا يملك شيئاً، لا يعطي شيئاً(2).
1 . سورة الإسراء: الآية 56 ـ 57 .2 . التوصل إلى حقيقة التوسل ص 12 ـ 13 .