قال سبحانه: (تاللّه إنْ كُنّا لَفِي ضَلال مُبين * إذْ نُسَوّيكُمْ بِرَبّ العَالمين)(1) .
والمراد هو التسوية في شؤونه سبحانه جميعها أوبعضها، وأمّا التسوية في العبادة فكانت من شؤون ذلك الاعتقاد، فإنّ العبادة خضوع من الإنسان للمعبود، فلا تتحقق إلاّ أن يكون هناك إحساس من صميم ذاته بأن للمعبود سيطرة غيبية عليه، يملك شؤونه في حياته، وكان المشركون في ظل هذه العقيدة يسوّون أوثانهم برب العالمين. وبالتالي يعبدونهم. وليس المراد من التسوية هو التسوية في خصوص توجيه العبادة، إذ لم يعهد من المشركين المتواجدين في عصر الرسول توجيه العبادة إلى اللّه، ويؤيد ذلك: أنّ الوثنية دخلت مكة ونواحيها أول ما دخلت بصورة الشرك في الربوبية، وفي ذلك يكتب ابن هشام:
كان عمرو بن لحي أول من أدخل الوثنية إلى مكة ونواحيها، فقد رأى في سفره إلى البلقاء من أراضي الشام أُناساً يعبدون الأوثان، وعندما سألهم عما يفعلون بقوله: «ما هذه الأصنام الّتي أراكم تعبدونها؟» قالوا: هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا. فقال لهم: أفلا تعطونني منه فأسير به إلى أرض العرب فيعبدون؟!.
ثم إنّه استصحب معه إلى مكة صنماً كبيراً باسم (هبل)، ووضعه على سطح الكعبة المشرفة ودعا الناس إلى عبادتها(2)، فطلب المطر من هذه الأوثان يكشف عن اعتقادهم بأن لهذه الأوثان دخلا في تدبير شؤون الكون وحياة الإنسان.
الوهابيون وملاكات التوحيد و الشرك
ثم إنّ الوهابيين لما لم يضعوا للعبادة حدّاً منطقياً تتميّز به عن غيرها،
1 . سورة الشعراء: الآية 97 ـ 98 .
2 . سيرة ابن هشام ج 1 ص 79 .
 لطفا منتظر باشید ...
        لطفا منتظر باشید ...
     
                     
                
                