الدليل الأخير «لا تجعل قبري وثناً يعبد»
آخر ما في كنانة القوم من نبال مرشوقة إلى المؤمنين المحتفلين بمولد النبي الأكرم، ما روى أبو هريرة، قال: قال رسول اللّه: «لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلّوا علىّ فإنّ صلاتكم تبلغني حيث كنتم» .وفي الاستدلال بالحديث مجال للنظر:أولا: إنّ إمام الحنابلة رواه في مسنده عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. عن النبي أنه قال: «اللّهمّ لا تجعل قبري وثناً. لعن اللّه قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»(1) .ورواه في كنز العمال بالنحو التالي:«اللّهمّ لا تجعل قبري وثناً يصلّى إليه، فإنّه اشتدّ غضب اللّه على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»(2) .وفي الوقت نفسه رواه إمام الحنابلة عن أبي هريرة: قال رسول اللّه: «لا تتخذوا قبري عيداً، ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً، وحيثما كنتم فصلّوا علّي فإنّ صلاتكم تبلغني»(3) .وروى أبو داود في صحيحه عن أبي هريرة نفس هذا المتن(4) .ومن المتحمل جداً طروء التصحيف على الرواية، فبدل «وثناً» إلى «عيداً» ويؤيد ذلك ذيل الرواية، أعني قوله: «ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً» فإنه يناسب قوله: «لا تجعل قبري وثناً» .وثانياً: إنّ العيد في اللغة هو الموسم، وهو كل يوم فيه اجتماع أو تذكار
1 . مسند أحمد: ج 2 ص 246 .2 . كنز العمال: ج 2 برقم 3802 .3 . مسند أحمد: ج 2 ص 367 .4 . سنن أبي داود: ج 2 ص 218، طبع دار إحياء التراث العربي .