الحواضر الإسلامية آنذاك، دواؤها وذواوها
قد تعرّفت على الأوضاع المؤسفة السائدة في الحواضر الإسلامية، وما آلت إليه من الدمار والهلاك والمذابح الفظيعة، والمجازر الرهيبة الّتي تعرّض لها سكانها الأبرياء، بسبب تلك الحملات العدوانية، وعندئذ نسأل كل مسلم حر الضمير عن دواء هذا الداء الّذي ألمّ بالمسلمين، وعلاج تلك المأساة الّتي وقع فيها الإسلام ؟
ولا أشك في أنّ دواءها الوحيد كان هو إحياء التعاليم الإسلامية ـ آنذاك ـ في مجال الجهاد والمقاومة، وإعادة الثقة إلى النفوس، والعمل على تقوية المعنويات ورفع المستوى العسكري لدى المسلمين عملا بقوله تعالى: (وَ أعِدُّوا لهم مَا استَطَعْتُم مِن قُوَّة وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّهِ وَ عَدُوَّكُم)(1) .
ثم السعي في توحيد ما تفرّق وتشتّت من صفوف المسلمين، وحثّهم على تعمير ما تهدم من حضارة الإسلام، وإحياء شتى مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ممّا انهارت تحت ضربات الأعداء من الشرق والغرب .
ولا يكون ذلك إلا بإعادة العلم الناجع إلى الساحة، وتناسي الخلافات الفرعية، والدعوة إلى التمسّك بمبادىء الوحدة، وتجسيد قوله سبحانه: (إنَّما المُؤمنُونَ إخوةٌ)(2) ورفض البحث عن الخلافات الّتي تثير النزاع، وتوجد الفرقة وتمزق الصفوف.
هذا ما يحكم به ضمير كل إنسان حر، فلو وجدنا في مثل هذه الظروف العصيبة من يثير نار الخلافات الطائفية والمذهبية، وبالتالي يضرب المسلم بالمسلم ويشغلهم بالبحث عن فروع ليس لها من الأهمية بالقياس إلى علاج الدمار الرهيب الّذي حلّ بالمسلمين ـ لو وجدنا رجلا بهذا الوصف والنعت ـ فلا نشك أنّ نعرته نعرة جاهلية، وحركته حركة مشبوهة، ودعوته دعوة منتنة
1 . سورة الانفال: الآية 60 .
2 . سورة الحجرات: الآية 10 .