ب ـ هل ينعقد الحلف بغيره سبحانه؟
قال ابن تيمية: وقد اتفق العلماء على أنّه لا ينعقد اليمين بغير اللّه، ولو حلف بالكعبة أو بالملائكة أو بالأنبياء ـ عليهم السَّلام ـ لم تنعقد يمينه، ولم يقل أحد إنه ينعقد اليمين بأحد من الأنبياء، فإنّ عن أحمد في انعقاد اليمين بالنبي روايتين، لكن الّذي عليه الجمهور كمالك والشافعي، وأبي حنيفة أنه لا ينعقد اليمين به، كإحدى الروايتين عن أحمد، وهذا هو الصحيح(1) .وقال ابن قدامة في المغني: ولا تنعقد اليمين بالحلف بمخلوق كالكعبة والأنبياء وسائر المخلوقات، ولا تجب الكفارة بالحلف فيها... وهو قول أكثر الفقهاء، وقال أصحابنا: الحلف برسول اللّه يمين موجبة للكفارة، وروي عن أحمد أنه قال: إذا حلف بحق رسول اللّه وحنث فعليه الكفارة. قال أصحابنا: لأنه أحد شرطي الشهادة، فالحلف به موجب للكفارة، كالحلف باسم اللّه(2) .وبالإمعان في كلام ابن قدامة يظهر عدم صحة ما ذكره ابن تيمية من أنه «اتفق العلماء على أنه لا ينعقد اليمين بغير اللّه» وأين هو من قول ابن قدامة: «قال أصحابنا: الحلف برسول اللّه يمين موجبة للكفارة؟ وهو وابن قدامة كلاهما حنبليان، وبما أن المسألة فقهية لا نستعرضها أزيد من ذلك، وإنما نركز البحث على المسألة الثالثة .
ج ـ هل يجوز الحلف بغير اللّه أو لا؟
هذه المسألة هي الّتي عقدنا الفصل لبيان حكمها. قال ابن تيمية: «لا يشرع ذلك بل ينهى عنه إمّا نهي تحريم وإمّا نهي تنزيه، وإنّ للعلماء في ذلك قولين، والصحيح أنه نهي تحريم، وفي الصحيح عنه (صلى اللّه عليه وآله) أنه قال: من كان حالفاً فليحلف باللّه أو ليصمت، وفي الترمذي أنه قال: من
1 . مجموعة الرسائل والمسائل: ج 1 ص 209 .2 . المغني لابن قدامة: ج 11 ص 17 .