عصره صاروا كلهم إلباً واحداً ضدّه حسداً من عند أنفسهم، فَلْيَتّهم عقله وإدراكه قبل اتّهام الآخرين، بعد أن درس مبلغ بشاعة شواذه في الاعتقاد والعمل، وهو لم يزل يستتاب استتابة إثر استتابة، وينقل من سجن إلى سجن إلى أن افضى إلى ما عمل وهو مسجون فقير، هو وأهواؤه في البابين، بموته وبردود العلماء عليه، وماهي ببعيدة عن متناول رواد الحقائق .
كلامه في حق تلميذه ابن القيم
وكان ابن زفيل الزرعي المعروف بابن القيم يسايره في شواذه حياً وميتاً، ويقلده فيها تقليداً أعمى في الحق والباطل، وإن كان يتظاهر بمظهر الاستدلال، لكن لم يكن استدلاله المصطنع سوى ترديد منه لتشغيب قدوته، دائباً على إذاعة شواذ شيخه، متوخياً ـ في غالب مؤلفاته ـ تلطيف لهجة أُستاذه في تلك الشواذ لتنطلي وتنفق على الضعفاء، وعمله كله التلبيس والمخادعة والنضال عن تلك الأهواء المخزية، حتى أفنى عمره بالدندنة حول مفردات الشيخ الحراني .
تراه يثرثرفي كل واد ويخطب بكل ناد، بكلام لا محصل له عند أهل التحصيل، ولم يكن له حظ من المعقول، وإن كان كثير السرد لآراء أهل النظر، ويظهر مبلغ تهافته لمن طالع شفاء العليل له بتبصّر، ونونيته(1) و عَزَوْه من الدلائل على أنّه لم يكن ممن له علم بالرجال ولا بنقد الحديث، حيث أثنى فيهما على أُناس هلكى، واستدل فيهما باخبار غير صحيحة على صفات اللّه سبحانه.
وقد ذكره الذهبي في المعجم المختص بما فيه عبرة، ولم يترجم له الحسيني
1 . وهي قصيدته البالغة خمسة آلاف بيت في العقائد، وهي الّتي رد عليها السبكي بتاليف كتاب السيف الصقيل، وأكمله محمد الكوثري وأسماه تكملة السيف الصقيل، وها نحن ننقل هاتيك العبارات منها.