وتتميز ثورة المختار عن ثورة التوابين بأنّ ثورة هوَلاء كانت متوجّهة على النظام الاَموي بالذات دون الذين ارتكبوا الجرائم بالمباشرة، وذلك لاعتقادهم بأنّ النظام هو الاَساس لقتل الحسين _ عليه السلام _ دون الاَشخاص العملاء، فلابد من السعي لقطع جذور السبب قبل مكافحة المسبب، فلاَجل ذلك تركوا الكوفة وفيها قتلة الحسين _ عليه السلام _ فتوجهوا إلى الشام وقد استشهد كثير منهم في معركة الحرب مع الشاميين وتراجع القليل منهم إلى الكوفة وعلى رأسهم رفاعة بن شداد الاَمير الاَخير لهم، وتفرقوا في عشائرهم.
أمّا المختار فقد كانت ثورته متوجهه بالذات إلى القتلة، وتطهير أرض العراق من جراثيم العيث والفساد من الاَمويين، وأمّا الذي حداه إلى اتّخاذ هذا الاَُسلوب في ثورته هو أنّ العراقيين قد استجابوا لابن الزبير وبايعوه وطردوا عامل الاَمويين من الكوفة باسم عمرو بن حريث، وذلك قبل خروج المختار، وكانت أُمنيتهم من تلك البيعة أمرين:
1 ـ تحقيق العدل الاِجتماعي والسير وراء الاِصلاح الذي قام به الاِمام علي ـ عليه السلام ـ.
2 ـ أخذ الثأر من قاتل الاِمام الحسين _ عليه السلام _ .
أمّا الاَمر الاَوّل فلم يتحقّق منه شيء واضح حتى يقنع العراقيين، وأمّا الثاني فكان على طرف النقيض من أُمنيتهم حيث كانت هياكل الاِثم كعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وشبث بن ربعي وغيرهم مقربين إلى السلطة، فصار ذلك سبباً لتسرّب الضعف إلى سلطان ابن الزبير في القلوب فكانوا يتحيّنون الفرص للخروج عن بيعته وإقامة نظام جديد يحقّق العدل الاجتماعي الذي مارسوه في