وحيث قد قضى النبي محمّد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ طفولته بعد وفاة عبد المطلب في بيت عمّه أبي طالب ونشأ وترعرع تحت رعايته ووصايته أراد أن يكافئه هو وزوجته فاطمة بنت أسد برعاية وتربية أحد أبنائهما، وكان ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يطمح إلى علي ـ عليه السَّلام ـ وقد أشار علي ـ عليه السَّلام ـ زمن خلافته في الخطبة القاصعة إلى هذه الفترة التربوية وقال:
«وقد علمتم موضعي من رسول اللّه بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة. وضعني في حجره وأنا ولد يضمّني إلى صدره، ويكنفني في فراشه ويمسّني جسده، ويشمُّني عرفه. وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه...، ولقد كنت أتبعه اتبّاع الفصيل أثر أُمّه، يرفع لي في كلّيوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به».(1)
ـ عليه السَّلام ـ في غار حراء(2)
كان رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ـ قبل أن يبعث ـ يجاور في غار حراء من كلّ سنة شهراً وكان يطعم في ذلك الشهر من جاءه من المساكين، فإذا قضى جواره من حراء كان أوّل ما يبدأ به إذا انصرف أن يأتي المسجد الحرام قبل أن يدخل بيته فيطوف حول الكعبة سبعاً أو ما شاء اللّه من ذلك ثمّ يعود إلى بيته.(3)
وقد دلت الروايات ونظراً إلى اهتمامه الكبير به على أنّ رسول اللّه كان يأخذ عليّاً معه إلى غار حراء و حينما هبط ملك الوحي على النبي لأوّل مرّة وكرّمه بالرسالة كان علي بجانبه في ذلك الغار، وكان ذلك اليوم من نفس ذلك الشهر الذي كان الرسول يذهب فيه إلى جبل حراء للعبادة. وقد قال الإمام علي ـ عليه السَّلام ـ حول
1-نهج البلاغة، صبحي الصالح، الخطبة 192.
2-حراء جبل يقع في شمال مكة وغار حراء يقع في قمته.
3-السيرة النبوية، ابن هشام:1/252.